ياسر صالح البهيجان
يشكّل قطاع الفندقة والضيافة واجهة حضاريّة لأي مجتمع، ويعد من القطاعات الحيويّة التي تجاوزت حجم استثماراتها 139 مليار ريال حسبما أشارت هيئة السياحة، إلا أن الفنادق وخدماتها تطرح تساؤلات حول مدى مطابقة «النجوم» الممنوحة لها مع المعايير الدولية، وما هي فرص نجاح الفنادق المحلية مقارنة بالفنادق العالمية، وما انعكاس نمو القطاع على توطين الوظائف وتأهيل المواطنين للمساهمة في التنمية والتطوير.
قياس جودة الخدمات الفندقية ومرافق الفنادق وخدمة العملاء ورضا المستفيدين ومستويات السلامة والنظافة مهمة في تحديد استحقاق الفنادق للنجوم الممنوحة لها، لطالما تفاجأ النزلاء بفنادق ذات خمس نجوم وهي لا تمتلك أدنى معايير الجودة والخدمات، فضلاً عن الأسعار الباهظة، والموقع الجغرافي المتواضع. يبدو أن المعايير المتبعة لا تزال غير دقيقة، ولا تنسجم مع المقاييس العالمية، وهذا بلا شك يسيء لقطاع الفندقة، وقد يقوض نموه في المستقبل إن لم تتحرك هيئة السياحة لإعادة هيكلة معاييرها، ووضع ضوابط جديدة تضمن التنافس بين شركات الفندقة بما ينعكس على رضا المستفيدين.
كما أن القطاع لا يمكن أن ينمو دون إسهام فاعل من المستثمرين المحليين، العاجزين عن منافسة نظرائهم الدوليين في ظل تزايد تأسيس الفنادق العالمية في مدن المملكة الكبرى، ومع الأسف لم تتمكن معظم الفنادق المحلية من كسب ثقة المستفيدين، ولعل لذلك أسباب متعددة، من أبرزها عدم وجود مناطق سياحية متكاملة تضم مدنًا ترفيهية وأسواقًا تجارية ومنتجعات ومرافق خدمية جاذبة، فتلك المناطق قادرة على إبراز الفنادق المشيدة داخلها، ومن شأنها أن تعرّف المجتمع بالشركات الفندقية المحلية لتكفل لها النمو والنجاح.
وأعتقد بأن تحسن قطاع الفندقة وإعادة تنظيمه لن يسهم في نمو الاقتصاد الوطني فحسب، وإنما من شأنه أن يزيد من نسبة توطين وظائفه، إذا ما علمنا أن السعوديين في القطاع حاليًا لا تتجاوز نسبتهم 30 بالمائة من إجمالي العاملين، ولا يمكن الاكتفاء بافتتاح كليات للسياحة والفندقة دون وجود بيئة تحفّز المواطنين على شغل الوظائف المتاحة في الفنادق، مع الأخذ بالاعتبار طبيعة العمل وعدد ساعاته والأجور المستحقة.
قطاع الفندقة والضيافة رافد اقتصادي رئيس لا يمكن غض الطرف عنه، وهو لبنة أولى لنجاح تنمية الإيرادات من مجالي السياحة والترفيه، وما يزال المجتمع يتطلع إلى وجود فنادق تليق بمكانة المملكة وسكانها، وتنسجم مع تحديات المرحلة الاقتصادية الراهنة.