الناظر للإعلام القطري هذه الأيام، الذي تبني السلطة هناك استراتيجيتها عليه، يشاهد أن المتصدرين له أبعد ما يكونون عن تمثيل وجهة نظر الشعب القطري الذي يأمل في حل سريع لأزمته؛ ذلك لأن الواقع هناك يقول أن لا حياة طبيعية بدون حل للأزمة، وهذا هو الدور المناط بالسلطة التي من المفترض أن يكون الإعلام إحدى وسائلها، وليس العكس. وقد اتضح هذا في خطوة الاتصال بسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي أجراه تميم، وهي خطوة كانت في الاتجاه الصحيح، إلا أن الإعلام القطري برعونته المعتادة نسف كل الجهود التي ظلت تبذلها السلطة في قطر لإيجاد حل للأزمة، وفتح باب للحوار بين الأطراف كافة.
لقد كشفت هذه الحادثة أن الإعلام القطري هو المتحكم في القرار القطري وليس أمير قطر. ورب ضارة نافعة كما يقولون؛ فقد أزاح هذا الأمر الغشاوة عن أعين المنخدعين بهذا الإعلام، الذي ظل لسنوات طويلة يعمل بمنهجية خبيثة، هدفها الإضرار بالدول العربية ومصالحها، خاصة المملكة العربية السعودية. وإن هذا الأمر لا يحتاج إلى إثبات؛ إذ يكفي أن تشاهد نشرة أخبار واحدة ومن بعدها يتبين كل شيء؛ فتارة يتحدث ذلك الإعلام كيف أن إحدى المنظمات الدولية تنتقد المناهج السعودية المتشددة، وتارة تجده يتهم السعودية بأنها تسير في طريق العلمانية!
إن الواقع يقول إن المتحكم في هذا الإعلام، الذي هو في الأصل متحكم في القرار القطري، هم فريقان، الصفة المشتركة بينهما أن دورهما كله يتركز على الإعلام. فالفريق الأول مجموعة من القطريين المرائين، يعملون على كسب تصفيق السلطان، وكلما زاد التصفيق لهم زادوا خبثًا ودناءة. وهؤلاء - للأسف - يقودهم المدعو عبدالله العذبة، الذي تارة تجده يحاول تزوير التاريخ؛ ليضرب علاقة السعودية بالكويت، وتارة يتباهى برفع علامة رابعة، وكأنه برفع هذه الشعارات البائسة يعالج مشكلة القطريين الذي جنى عليهم هو ومَن وراءه.
إن من المؤسف أن يكون صوت عبدالله العذبة هناك هو الأعلى في أزمة لها نتائج خطيرة على شعب قطر. وكما هو حاصل الآن، فإن ردة فعل من يفترض أنه يمثل شعب قطر مخجلة بكل معنى الكلمة؛ لذلك رأت السعودية أن حكومة قطر تشكّل خطرًا عليها؛ ما دعاها لاتخاذ ما اتخذته من إجراءات، من ضمنها إغلاق الحدود. هذا الإجراء عمل قوي لا شك، وتأثر به عامة الشعب هناك. وهذا التأثر محزن، لكن لا بديل له بالنسبة للمملكة؛ فالأمر يتعلق بالأمن الوطني، ولا مجال للتردد.
إن المتضرر من العذبة وكل المتعاقدين من الخارج هو الشعب القطري الذي تعطلت مصالحه، وينتظر موقفًا عاقلاً من حكومته بعيدًا عن إرضائه بزيادة الرواتب، متجاهلة أن أبناء الشعب القطري أكرم من ذلك، وأن احتياجاته تتعدى الأمور المادية.
أما الفريق الثاني فهم مجموعة من خبثاء أجانب، استقدمتهم السلطة باسم تنظيم الإخوان المسلمين العالمي، فأبدعوا في تخريب قطر أولاً، والبيت الخليجي من الداخل ثانيًا. وهم مجموعة من الخبثاء الحاقدين على الوحدة الخليجية، تريد أن تفرق بين هذه اللحمة الوطنية، فسعت إلى تخريبها بالأكاذيب والتآمر والخيانة لهذا الكيان الكبير.
إن المحب لشعب قطر يأسف وهو يشاهد سلطة الدوحة الحالية تعبث بمصالح شعبها، وبمصيره وبثروته؛ إذ إن هناك آلاف القطريين لديهم الآن مشكلة كبرى، تتمثل في حرمانهم من إدارة مصالحهم وعيش حياتهم بشكل طبيعي.
بقي أن نقول: إن هناك في منطقتنا ما يمكن أن نسميه نظام الابتزاز الإعلامي، وهو المنهجية التي يتخذها الإعلام القطري الآن، والتي تهدف إلى «تغبيش» الرؤية، وتحويل الأنظار عن المؤامرات التي يخبثها ذلك النظام القطري سعيًا منه في تفكيك واهتراء نسيج أمة ممتدة من المشرق إلى المغرب؛ لذا على الصحافة العربية الحرة كشف هذه المؤامرات الدنيئة ضد الشعوب العربية، وقتلها في مهدها.
إن من الأولى بتميم البحث عن مصالح شعب قطر الذي ينتظر تحقيق مصلحته، وليس مصلحة عزمي وذوي الطرابيش الحمر الجدد الذين يستنزفون ثروة الشعب القطري بكل نهم.
** **
بقلم/ مطلق بن نايف بن شوية - رئيس مركز شوية وكاتب