«الجزيرة» - محمد السلامة:
رحبّت وزارة المالية بما تضمنه تقرير صندوق النقد الدولي حول مشاورات المادة الرابعة مع حكومة المملكة في مطلع شهر أكتوبر الجاري، من إشادة بشأن الإصلاحات الاقتصادية. وبين الصندوق حجم الإصلاحات الاقتصادية التي أجرتها حكومة المملكة خلال الفترة الماضية، حيث أشاد تقريره بالتقدم الملحوظ الذي أحرز في تحقيق أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي وفقاً لرؤية السعودية 2030، لاسيما فيما يرتبط بضبط المالية العامة التي بدأت تؤتي ثمارها. كما نوه التقرير بالتقدم المحرز في مسيرة الإصلاحات الرامية إلى تحسين بيئة الأعمال، وإرساء جانب كبير من الإطار المعني بزيادة الشفافية والمساءلة الحكومية.
وتعليقاً على نتائج التقرير، رحب وزير المالية محمد عبدالله الجدعان بهذا التقرير الذي يوضح الأثر الإيجابي للإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها المملكة ضمن رؤية 2030، مضيفاً «رغم الإنجازات المحققة، لايزال أمامنا الكثير من العمل لتحقيق الهدف المنشود، نحن ملتزمون بتبني الأعمال والبرامج المناسبة؛ التي تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المملكة وزيادة رفاهية مواطنيها».
وتوقع خبراء صندوق النقد الدولي تحسن النمو الكلي الإجمالي للناتج المحلي في الأجل المتوسط، رغم تراجع أسعار النفط، بفضل التأثير الإيجابي للإصلاحات الهيكلية التي تنفذها حكومة المملكة. مؤكدين الحاجة إلى الاستمرار في إجراء تصحيح مالي كبير ومستمر يتلاءم مع التدابير المالية التي تم الإعلان عنها في برنامج التوازن المالي؛ لهدف تحسين عناصر تعديل النفقات بغرض إتاحة حيّز أكبر للإنفاق على شبكات الأمان الاجتماعي أو أوجه الإنفاق الأخرى لدعم الإصلاحات الهيكلية، والهادفة إلى تحقيق توازن الميزانية.
وفيما يرتبط بالإصلاحات الخاصة بالإيرادات؛ أشار الخبراء إلى النتائج الإيجابية المتوقعة من التنفيذ الفعلي للضريبة الانتقائية وتطبيق ضريبة القيمة المُضافة بحلول العام 2018، مؤكدين أن تصحيح أسعار الطاقة والمياه يشكل جزءاً أساسياً من عملية الإصلاح الاقتصادي. كما أشاد الخبراء بتوجه حكومة المملكة نحو تخفيف الآثار الناجمة عن تصحيح الأسعار على الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط من خلال تطبيق برنامج «حساب المواطن»، معتبرين أنها خطوة مهمة للغاية.
كما أوضح التقرير الخطوات المهمة التي اتخذتها المملكة لتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، حيث تقلصت النفقات، إلى جانب تحقيق مزيد من مكاسب الكفاءة نتيجة تحسين إدارة الاستثمارات العامة. وفي ذات الإطار؛ أكد التقرير ضرورة توسيع نطاق عمل مكتب ترشيد الإنفاق ليشمل جميع الوزارات والهيئات لتحقيق مزيد من الوفورات في النفقات.
وأشاد التقرير كذلك بالخطوات المهمة التي تتخذها الحكومة نحو تعزيز إطار المالية العامة، وتحسين مستوى الشفافية، وتنمية قدرات وحدة المالية العامة الكلية، فضلاً عن تعزيز ضوابط الإنفاق، ونظم إدارة النقدية بوسائل منها تطبيق نظام حساب الخزانة الموحد.
وفي إطار تعزيز الشفافية؛ أكد خبراء صندوق النقد الدولي أن إصدار التقرير الربعي الأول لأداء الميزانية العامة للدولة يمثل خطوة مهمة نحو زيادة شفافية المالية العامة، ويعكس التقدم في تحسين جودة بيانات المالية العامة، كما رحّب الخبراء بأوجه التحسن في عمليات إعداد ونشر البيانات الاقتصادية.
وتوقع التقرير، أن تسهم الإصلاحات الهيكلية في تعزيز النمو غير النفطي بالمملكة، من خلال الحّد من العقبات التي تعترض نمو القطاع الخاص والصادرات، بما في ذلك تقليص الوقت اللازم لإتمام إجراءات التخليص الجمركي، وتيسير إجراءات بدء أنشطة الأعمال، والانتهاء من وضع نظام الإفلاس ورهن العقارات التجارية. ورحب التقرير أيضا كثيراً بالجهود الجارية للمضي قدماً في تنفيذ جدول مشاريع الخصخصة وتفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
واعتبر تقرير صندوق النقد، أن الإصلاحات الجارية في نظم التعليم والتدريب تمثل خطوة مهمة للغاية نحو تنمية مهارات المواطنين وتهيئتهم للعمل في القطاع الخاص، في حين اعتبر رفع رسوم العمالة الوافدة ودعم أجور المواطنين لفترة محدودة من شأنه المساعدة في تقليل الفجوة بين أجور السعوديين والوافدين.
في ذات السياق؛ رحب تقرير صندوق النقد الدولي بالجهود التي تبذلها حكومة المملكة، الرامية إلى زيادة معدل توظيف الإناث، وزيادة خيارات النقل المتاحة، ودور رعاية الأطفال وتشجيع نظام العمل من بعد. وحول أداء الحكومة بما يخص القطاع المالي والمصرفي؛ أشاد التقرير بمستوى التنظيم والرقابة على البنوك، وأثنى على نجاح مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» في التعامل مع المخاطر المستجدة في القطاع المالي العالمي، مرحباً بالخطوات المتخذة لهدف تعزيز أطرها التنظيمية والرقابية، وتطوير شبكة الأمان المالي. كما أشار التقرير إلى تحقيق تقدم ملحوظ على صعيد تنفيذ إصلاحات سوق رأس المال واتخاذ التدابير اللازمة لدعم سوق الدين المحلية.