فهد بن جليد
كتبتُ هذا المقال والرسالة في أكتوبر عام 2013، ولأنَّ الصورة ما زالت تتكرر أمام عيني مرة أخرى ونحن نعيش الأسبوع الثالث من بدء الدراسة، أعيده علَّ الرسالة أن تلامس مسامع بعض المُدرسات.
نحن نُطلق على المعلمة لقب (أبله)، ومنها خرجت علينا أنشودة الصغار الشهيرة على مدى سنوات طويلة: أبله نورة يا عيوني، يا للي لابسة الليموني، لابسة الساعة اللمّاعة.. الخ، فجأة أصبحت (أبله نورة) وأخواتها لا يرضينَّ بغير مسمى (أستاذة)، وهو بالتأكيد لقب مُستحق من باب المساواة والعدل مع شقيقها المعلم والأستاذ.
اليوم أوجه دعوة لكل أستاذة ومديرة مدرسة، بأن تتجول في المكتبات ومحلات (أبو ريالين) القريبة من منزلها، وتراقب حال الآباء والأمهات هناك يكفي أن تسترق السمع وتكتشف حجم (الإحراج) و(المفاوضات) الجارية بين الطالبة وأهلها بسبب (طلبات) المُعلمة أو وسائل المساعدة، علماً أنَّ هناك مراحل سابقة من الصراخ والبكاء والعويل تمت داخل المنزل على طريقة (ليه ما أجيب عجين سيراميك، ونول، وخيوط سنارة.. إلخ) صاحباتي أحسن مني؟ وقد يُصاب الأب - هنا - بالخجل والإحراج لأنه لا يستطيع تأمين 180 ريالاً قيمة طلبات ابنته من ميزانية هذا الشهر المُزدحمة بالفواتير والالتزامات.
عزيزتي الأبلة والأستاذة والمُعلمة تخيلي أن لدى هذا الأب 3 بنات في مراحل عدة، ولكل منهنَّ طلبات متنوعة من كل مُدرسة، ماذا سيفعل لمقابلة سيل الطلبات المدرسية المُستمر، هل يقترض ليؤمن طلبات إضافية وغير نظامية، أم يرفض وتنكسر هيبته، وتتأثر قدرته ومكانته في (عيون) بناته، ومدى حبه لهنَّ في هذا الاختبار المُزعج أمام إلحاح ورغبات الصغار الضيقة.
كم (أم) حائرة، تُقلب عينيها في السماء وتفرك يديها بصمت، لا تعرف كيف تلبي الطلبات المدرسية (لطفلة صغيرة) لا ذنب لها، إلا أنك يا عزيزتي (الأبلة) أذكيتِ روح الغيرة بينها وبين زميلاتها بطلباتك، التي تعتقدين أنك لم تلزمي بها أحداً، وفقاً للتعليمات والأنظمة، ولكن الحقيقة أن الصورة التي تعتقد المُعلمة أنَّها (غير مُلزمة) عندما تطلب ممن تستطيع - فقط -إحضار طلبات (كذا وكذا)، وتقول هذا ليس إلزامياً يا بنات (اللي تقدر بس)، هو أول فتيل يتم إشعاله للغيرة والتنافس بين الطالبات ليؤكدن لبعضهن قدرتهنّ، ومحبة أهاليهنَّ لهنَّ.
عزيزتي (الأبلة) أنا أحاول أن أربي أطفالي بستر، ليذهبوا للمدرسة دون أن يشعروا بأي (نقص) عن أقرانهم، حالي ميسور، وراتبي بالكاد يكفي أمور العائلة حتى آخر الشهر بسلام.
لماذا تريدين أن تفضحي (ضعفي)؟ وتكشفي (عجزي)؟.
أرجوكِ باسم كل أب وأم (توقفي).
وعلى دروب الخير نلتقي.