جدة - عبدالقادر حسين:
أكد اقتصاديون ورجال أعمال أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز «يحفظه الله» التاريخية إلى روسيا ومعه وفد سعودي رفيع المستوى، تكتسب أهمية خاصة كونه أول ملوك السعودية الذين يزورن موسكو عبر التاريخ. وأشاروا إلى أن المملكة حريصة على التعاون المشترك والانفتاح على جميع دول العالم بما يتواكب مع رؤية الوطن 2030 التي تسعى إلى تعزيز مكانة المملكة عالمياً.
وأشار الاقتصادي الدكتور عبدالله دحلان، إلى أن زيارة خادم الحرمين الشريفين جاءت بعد أن كسرت زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان جدار الصمت بين البلدين، سواء الزيارة الأولى عام 2015م بعد توليه منصب وزير الدفاع، أو الزيارة الأخيرة التي جرت خلال هذا العام ولقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبحث فيها الطرفان عدداً من القضايا الإقليمية والدولية، وأكدا على ضرورة توطيد الشراكة السعودية الروسية في عدة اتجاهات، وتجاوز الخلافات السابقة، والعمل على النقاط المشتركة بين البلدين، حيث مثلت هذه الزيارة أرضية مشتركة للانطلاق والتعاون في قطاعات عديدة وعلى رأسها الاقتصاد، لاسيما أن البلدين يعدان عملاقي النفط في العالم وأكثر الدول إنتاجًا ويمثلان ثقلاً كبيراً في القرارات الدولية.
وأضاف الدكتور دحلان: رغم ما تمثله السعودية وروسيا من رقم اقتصادي مهم في الاقتصاد العالمي.. إلا أن العلاقات التجارية بين البلدين لا ترقى حتى الآن للطموحات، حيث ارتفع حجم الصادرات والواردات بين البلدين من 235 مليون دولار أمريكي في عام 2005 إلى نحو 450 مليون دولار في عام 2008، بينما بلغ حجم تجارة إعادة التصدير من الجانب السعودي نحو بليون دولار، علمًا بأن حصة الصادرات الروسية للمملكة تستحوذ على 99 في المائة من مجمل حجم التجارة المتبادلة بين البلدين.
وتتركز واردات المملكة من روسيا الاتحادية بالدرجة الأولى، على قضبان الحديد والتسليح والشعير، وقضبان النحاس المصقول والأنابيب ومعدات الحفر، إضافة إلى المنتجات المعدنية شبه الجاهزة. وبلغت واردات المملكة في عام 2007 نحو 32 في المائة من إجمالي حجم الصادرات الروسية من أنابيب الحديد الصبّ، بينما بلغت وارداتها من الشعير نحو 40 في المائة من إجمالي صادرات روسيا من الشعير خلال الفترة من 2006 إلى 2010.
وتصدّر المملكة إلى روسيا المنتجات البتروكيماوية (الأصباغ) والتمور ومعدات صيانة السفن والأدوات الصحية. وخلال عشرة أعوام، انتقل ترتيب روسيا في قائمة شركاء المملكة التجاريين من المرتبة الستين إلى الرابعة والعشرين من ناحية الصادرات، ومن المرتبة التاسعة والتسعين إلى المرتبة الثانية والثمانين من حيث الواردات.
ولم يتجاوز حجم التبادل التجاري في العام الماضي 7.5 مليار ريال (ملياري دولار) رغم ضخامة إمكانات وطاقات البلدين ورحابة الفرص الاستثمارية المتاحة، إذ إنَّ اقتصاد المملكة هو أكبر اقتصاد في العالم العربي، ويتمتع الاقتصاد الروسي الذي يبلغ حجمه 2.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي بإمكانات هائلة غير مستغلة بالكامل.
لقاء العمالقة
من جانبه أكد رجل الأعمال محمد العنقري، أن لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مع فلاديمير بوتين في روسيا هو لقاء كبار وعمالقة؛ لأنه يجمع بين الدولة الأكبر اقتصادياً في الشرق الأوسط، مع روسيا التي تعد أكبر دولة في العالم من حيث المساحة وتملك تأثيراً كبيراً لا يمكن الاستهانة به، لافتاً إلى أن حجم التبادل التجاري المتواضع الذي لا يتجاوز الملياري دولار لا يرقى إلى مستوى التطلعات بين البلدين، ولا يليق بالمستوى الاقتصادي للبلدين والذي نطمح بأن يصل حجم هذا التبادل التجاري في السنوات الخمس المقبلة إلى أكثر من عشرة مليارات دولار».
وأضاف: هناك عدد من التحديات التي تواجه رجال الأعمال في البلدين، ويجب العمل على تذليلها واستثمار زيارة خادم الحرمين الشريفين والوفد المرافق له لبناء علاقات اقتصادية جديدة، من خلال تسهيل الحركة المالية بين البلدين، وزيارات الأفراد والشركات، وتخفيف الأعباء في الجانب الضريبي، إلى جانب تسهيل وضمان الاستثمار في كلا البلدين.
مكتب تمثيل
ودعا عضو لجنة شباب الاعمال في غرفة جدة خالد عبادي، إلى ضرورة فتح مكتب تمثيل اقتصادي للسعودية في موسكو وآخر لروسيا في الرياض؛ بهدف إعادة إحياء عملية التبادل التجاري التي وصلت لأدنى مستوياتها، وأشار إلى ضرورة معالجة التحديات التي يواجهها رجال الأعمال في البلدين، وتشجيع الحركة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وإطلاق مجموعة من المشروعات المشتركة، فرغم بعض التباين في وجهات النظر بين البلدين في عدد من القضايا، إلا أنه لا خلاف على أن روسيا تعد من أكثر دول العالم تطوراً في شتى المجالات، وتملك تكنولوجيا متطورة يمكن أن تسهم في تعزيز التنمية السعودية، ولا شك أن الاستعانة بالخبرات الروسية في المجالات العلمية والتقنية سيكون في صالحنا.
وشدد عبادي على أن السعودية قادرة على الانفتاح على جميع دول العالم وبينها روسيا؛ بهدف تعزيز قدرتها ومكانتها كبوابة رئيسية لمنطقة الشرق الأوسط، وقال: من المهم العمل على زيادة الصادرات وترشيد الواردات وجذب الاستثمارات بين البلدين ومتابعة برامج التعاون الفني والمالي ودعم المشاركات في المعارض التجارية وإزالة العقبات لتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، والمساعدة في تسوية المنازعات التجارية، مع توفير المعلومات عن السوقين وتحديد الاحتياجات الفعلية ورغبات المستهلكين وتفعيل التعاون في مجال المنشآت الصغيرة والمتوسطة.