«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
قرار منح المرأة السعودية حق قيادة السيارات، رغم أنه يعتبر قرارا اجتماعيا، إلا أنه يمتلك انعكاسات اقتصادية عميقة، فهو قرار يرتبط بسوق نشط وكبير في المملكة، يُتوقع له أن يشهد تحركات واسعة، في ظل توقعات كبيرة بتضاعف أعداد مستخدمي السيارات. كما أنه قرار يرتبط بسوق ضخم سينتج خلال فترة زمنية قصيرة وهو سوق رخص القيادة والتأمين عليها. فضلا عن التأثير على استقدام السائقين، وتأثيراته من حيث نفقات هؤلاء السائقين وإمكانية توفير قدر كبير من التحويلات الأجنبية للخارج. ومن جانب رابع يتوقع انتعاش كبير في سوق قروض السيارات.
سوق السيارات ما بين القيادة وزيادة الطلب
لا ينكر أحد أن المرأة كانت ممنوعة من قيادة السيارات ولكنها لم تكن ممنوعة من امتلاكها، لذلك، فإن تأثير هذا القرار على سوق السيارات يبدو غير واضح تماما، ففي إحصائيات منشورة لمصلحة الجمارك، وصلت أعداد السيارات المستوردة خلال 2015م إلى حوالي 782.8 ألف سيارة، مقارنة باستيراد حوالي 714.8 ألف سيارة في2014م، فإذا كانت المملكة تستورد هذا الكم سنويا ويقود السيارات الرجل فقط، فكم من المتوقع أن تستورد عندما يسمح للمرأة بالقيادة بجانب الرجل؟
وتشير إحصاءات وزارة العمل لـ2015م إلى أن عدد السعوديات العاملات يصل إلى نحو 816 ألف سعودية، منهن 499 ألف عاملة في القطاع الخاص، ونحو 317 ألف في القطاع الحكومي. في المقابل يوجد حوالي 416 ألف عاطلة عن العمل، وهنا نتساءل كم نسبة السعوديات اللاتي يمكن أن يسهم القرار الأخير (بمنحهن حق قيادة السيارة) في تشغيلهم نتيجة تسهيلات قيادة السيارة؟ بالطبع توجد نسبة ليست بسيطة يمكن أن تحصل على تسهيلات إضافية أو ربما توجد لهن فرصة عمل نتيجة حق قيادة السيارات ؟
بداية هل سيشهد المجتمع امرأة تقود سيارة أجرة، وخاصة أن سوق السيارات الأجرة من الأسواق التي يسيطر عليها السائق الأجنبي إلى حد كبير.
عدد السعوديات يقدر بـ10 ملايين نسمة
حسب آخر إحصاءات منشورة للنصف الثاني لعام2016م يصل عدد السعوديات في عدد السكان إلى حوالي 10 مليون سعودية، ويصل عدد السعوديات التي تقل أعمارهن عن 14 عاما إلى حوالي 2.9 مليون نسمة، وتصل السعوديات اللاتي تزيد أعمارهن عن 50 عاما إلى حوالي 1.4 مليون نسمة، وهاتين الفئتين ليس من المتوقع أن يقبلا على قيادة السيارات، أي أن عدد السعوديات المؤهلات عمريا لقيادة السيارات يصل إلى حوالي 5.5 مليون امرأة سعودية. سنفترض بشيء أو بآخر أن نصف هذا العدد لا يرغب أو غير مهيأ أو غير محتاج لقيادة السيارة، وعليه، فلدينا نحو 2.7 مليون امرأة سعودية من المتوقع أن تفكر في شراء أو قيادة السيارات.
816 ألف سيارة من المتوقع أن تقودها النساء قريبا
رغم أن قيادة السيارة لن تقتصر على المرأة العاملة ولكن على جميع نساء المملكة، إلا أن المرأة العاملة أو ذات الدخل قد تحتاج إلى سيارة بشكل عاجل، وتنقسم المرأة العاملة بالمملكة إلى قسمين رئيسيين، المرأة العاملة بالقطاع الخاص ويصل عددهن إلى حوالي 499 ألف عاملة، ونحو 317 ألفا في القطاع الحكومي. فبالنسبة لموظفات القطاع الحكومي وخاصة ذوات الدخول المرتفعة يتوقع وجود طلب عاجل وسريع على السيارات بسرعة استخراج رخص القيادة لهن. وكلا الشريحتين إذا افترضنا أنهن لا يمتلكن سيارات خاصة وهي نسبة لا تقل عن50% منهن، سيسعين إلى امتلاك سيارات خاصة. ومن المتوقع أن يزداد الطلب على سوق السيارات50% بأي حال من الأحوال عن أوضاعه الطبيعية، وخاصة على موديلات معينة من التي ترغبها السيدات.
توقعات بقروض سيارات نسائية بنحو 40 مليار ريال
بافتراض أن نصف السعوديات العاملات في القطاعين الحكومي والخاص سيطلبن سيارات جديدة، ولسرعة حصولهن على هذه السيارات، سيتجهن للاقتراض، ففي الاعتقاد أن القطاع المصرفي سينشط في إقراض هذه الفئة الجديدة، ففي ظل افتراض وصول عدد السعوديات الراغبات في امتلاك سيارة جديدة إلى 408 ألف سعودية، وبافتراض أن قيمة قرض السيارة الواحدة يقدر بنحو 100 ألف ريال، فإن قيمة السوق المصرفي للسيارات الجديدة يقدر بنحو 41 مليار ريال.
الطلب على السيارات كبديل للسائق الأجنبي
يقدر عدد السائقين الأجانب بالمملكة بنحو 1.3مليون سائق، وهذا العدد من المتوقع الاستغناء عن50% منهم فورا، مقابل الاستغناء عن النسبة المتبقية خلال فترة من عام لعامين، وخاصة أن كثيرا من الأسر ستظل تفاضل بين استخدام السائق أو البحث عن سائقة. ففي الاعتقاد أنه ستظهر شريحة جديدة وهي سائقة تقود سيارة الأسرة وقد تكون سعودية أو أجنبية، وهذه الجزئية لا تزال محور نقاش داخل كثير من الأسر، وخاصة أن التعليمات لا تعتبر واضحة بشأنها. وسيوفر الاستغناء عن السائق الأجنبي على المملكة حوالي 31.2 مليار ريال كانت تنفق على أجور ورواتب السائقين الأجانب، فضلا عن نحو 2-3 مليار ريال كانت تنفق على استقدام وتذاكر سفر هؤلاء السائقين. بل أن هذه الشريحة كانت تحول ما يناهز 20 مليار ريال سنويا خارج المملكة، وجميعها وفورات إيجابية للاقتصاد السعودي.