د. أحمد الفراج
بعد عدة أشهر من بداية الربيع الاوبا-اخواني، كتبت وقلت إنه ربيع مدبّر، يهدف لإحلال تنظيم الإخوان المسلمين محل الأنظمة العربية، وذلك ليكون الشرق الأوسط تحت حكم رجلين فقط، المرشد الشيعي في طهران، ومرشد جماعة الإخوان المسلمين في القاهرة، ما يعني تسهيل تعامل القوى الغربية مع قضايا المنطقة، وغني عن القول إن قناعة باراك أوباما بفكرة الربيع العربي كانت مبنية على رؤية الكاتب الأمريكي من أصل هندي، فريد زكريا، الذي كتب في مقال شهير، أن الإرهاب سببه شعور المواطن العربي بالغضب، نتيجة غياب الحرية والديمقراطية، وألمح ضمنًا إلى أن الحل يكمن في فرض الديمقراطية، التي كان يعلم صانع القرار الغربي أنها ستأتي بالتنظيم الإسلاموي، الأكثر حشدًا وتنظيمًا، أي تنظيم الإخوان.
الربيع العربي فشل فشلاً ذريعًا، نتيجة استعجال تنظيم الإخوان في التمكين، والفوضى الكبرى التي حلّت بمصر، بعد فوز التنظيم، ولكن الطريف كان تلك الأيقونات، التي تم استخدامها للترويج لهذا الربيع الكارثي، ففي مصر، نتذكر كيف احتفت وسائل الإعلام الغربية بغلام مجهول، اسمه وائل غنيم، أحضروه من اللا مكان، ليصبح رمزًا للغضب الشعبي في مصر، بالرغم من أنه مجرد نكرة، يعيش خارج مصر، وبعد أن تم تنفيذ مخطط عزل حسني مبارك، عندما أجبره أوباما على الرحيل، بعيد ذلك التصريح الأوبامي الشهير، وتم إحلال تنظيم الإخوان في مصر، اختفى الغلام وائل غنيم من المشهد، وكأنه انتهى من تمثيل دوره في مسرحية مصر، التي تولى كبرها تنظيم الحمدين في قطر، ودعمها ماليًا ولوجستيًا وإعلاميًا، بأمر من أوباما، فهل يعلم أحد أين اختفى الغلام وائل غنيم، وأين هو الآن، ولا شك عندي أنه سيكتب يومًا عن تجربته الظريفة، التي صنعت منه بطلاً مؤقتًا، اختفى عن المشهد بسرعة!.
غنيم ليس الأيقونة المصطنعة الوحيدة، فهناك أيقونة ربيع اليمن، توكل كرمان، التي، وحسب معظم المعلقين الغربيين، تم تسييس جائزة نوبل الراقية، من أجل صنع بطل وهمي، يكون رمزًا لربيع اليمن، وربما أن هذه كانت إحدى تخبطات من أشرف على سيناريو هذا الربيع العربي، فلا يوجد ما يشفع لكرمان لتحصل على جائزة محلية، ومع ذلك تم إقحامها في المشهد بالقوة، ولا تزال تطرح نفسها كمفكرة، تنّظر عن المشهد العربي، وتدافع ببسالة عن تنظيم الحمدين، وتنظيم الإخوان، فهي إحدى أدوات هذا النظام البائس، الذي يفشل دومًا في انتقاء عملائه، الذين يأتي على رأسهم عزمي بشارة، ويوسف القرضاوي، ونختم هذا المقال بأيقونة ثورة ليبيا، أي مصطفى عبدالجليل، الذي قام بدوره، حتى أسقط حلف الناتو معمر القذافي، ثم اختفى من المشهد، فهل سمعتم عنه شيئًا، منذ نجاح مخطط تدمير ليبيا؟، وهكذا هي الأيقونات المصطنعة، تقوم بأدوارها الهزيلة، ثم تعود كما هي، أي نكرات تم استخدامها بمقابل، ولكن التاريخ والشعوب لن تنسى خيانة هذه الأيقونات، وسيكون حسابها عسيرًا جدًا!