د. خيرية السقاف
من الناس من تعوّد على اللامبالاة في ممارسته لعمله, وشؤون حياته..
وعدم المبالاة يعثِّرها ويؤخرها, ويفسد طعم معاشه, ونتائجه, بينما اليقظة, والحرص, والهمّة في تحقيقها يمكِّنه من إنجازها, وتحقيقها ولو الحد الأدنى من فوائدها, ذلك لأنّ المبالاة قرينة التنظيم, والتوالي, بما يجعل حصيلة يومه مكسباً له وقتاً, ومضموناً, ومردوداً, وراحة, وخفة عبء, واطمئنان نفس ..
ومن هو حريص على انتباه, ويقظة, وحسٍّ فاعلٍ في شأن حياته الخاصة, بلا ريب هو كذلك في شأن عمله..
الحياة تشرقُ بالعمل المنّظم, الدؤوب, المنتِج, الممتد, المتفاعل, وتضمحل أضواؤها في ضوء تقاعس اللامبالاة , وملحقاتها ..
المرء حين يكون لامبالياً في حدود شأنه الخاص هو الخاسر الوحيد..
لكنه وهو عضو في منظومة عملِ مؤسسةٍ في المجتمع ما كان اختصاصها, ومجال التنفيذ فيها, ويكون على هذه الصفة في مسلكه التفاعلي مع واجباته, وما يكلَّف به من مهام ودور, فإنّ الخسارة سوف تنسحب نتائجها إلى وضعِ منجَزِ هذه المؤسسة, ويكون هو ممن لم يرقَ إلى كفاءة التكليف, ولا واجب التشريف, حيث أيّ عملٍ مهما قلّت درجته, أو علت مرتبته فإنه شرفٌ للمرء..
والتكليف مسؤولية, فأول من وجَّه بأمانة أدائها, وإتقان تنفيذها هو من خَلَق هذا المرء سبحانه وتعالى..
ثم يجيء دور الحدِّ في النظام, والقيد في الأداء, وهي مسؤوليات قائد الفريق, ومسؤولِ التكليف.
فإنْ كان هو ذاته لا مبالياً بمسؤوليته, فهناك من هو أعلى منه, وهكذا تتدرّج المسؤولية تصاعداً, ويطوق عنق الفرد بواجباته نحو أدائها على الوجه الذي لا يعثِّرها أبداً..
لا تنجح مجتمعات فيها أفرادها لا مبالين, كسالى, ومفرطين..
فإنْ شاء المرء أن يُشرق بهمَّته, وحُسن أدائه, ووفائه لدوره مهما صغر, أو كبر..
فإنه يمدُّ بينه وبين ضميره عزيمتَه , ونشاطه فيشرق ..
يفعل هذا بداية خوفاً من الله الذي يراه, ثم لذاته التي تُمثِّله, وتعبِّر عنه, ومن ثمَّ خشية العقوبة للتقصير..
إذ إنْ لم يفعل فلسوف لن يَحرق نفسه فقط, وفي ضوء حراك مؤسسات المجتمع القائم, وعين الحزم المشعَلة, فإنه سوف يُحرَق..
فمن الذي في هذه المرحلة المفصلية لا يعي هذا, فيهمُّ مشمراً عن هدره, وينشط فعَّالاً في مضماره, وينتج مبالياً بأدائه في عمله..؟!
لا وقت للهدر..