فهد بن جليد
مُخرجات التخصصات التقليدية في الجامعات الحكومية، التي يتم ضخها مُنذ سنوات طويلة، لم تَعُد مُناسبة ومُلائمة لسوق العمل ولمُتطلبات المرحلة الحالية، مع تكدس الخريجين وتنامي البطالة بينهم، مما يستوجب التحرك نحو حلول سريعة وديناميكية تساعد على تطوير هذه المُخرجات، ولا تخل بأهمية التخصصات ومحتواها العلمي..
من التجارب الجامعية التي تستحق الإشادة هذا العام، ما قامت به كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بتجاوز الصعوبات وعدم التخوف من التطوير والتغيير، وهي تطلق خطتها الأكاديمية الجديدة باستحداث ثلاث مسارات لخريجي وخريجات الكلية، في لغة القانون والأنظمة، ومسار اللغة الإعلامية، ومسار علم اللغة الحاسوبية - إلى جانب المسار العام - وأخال تلك خطوة تطويرية ذكية وعملية وجديدة على الجامعات والكليات الحكومية لتواكب مُخرجاتها احتياج سوق العمل بالفعل، وهي نموذج عملي لكيفية القدرة على الاندماج مع المُتطلبات العصرية لرؤيتنا الوطنية 2030, وتوفير تخصصات جديدة وعملية تماماً مثلما تحاول الجامعات والكليات الخاصة فعله بمرونة، وهو أحد أسرار تفوُّقها على التعليم الجامعي الحكومي .
تطورات العصر المعرفية، وزيادة مسارات وخيارات التخصصات العلمية بشكل أكثر دقة، يحسن مستوى وجودة المُخرج التعليمي، لمُتطلبات الحصول على فرص وظيفية للمُشاركة في تنمية المُجتمع، لذا علينا المُضي قُدماً بمثل هذه الوثبة التطويرية والتنويرية، لتجاوز مجرد الحصول على مؤهل علمي تقليدي، فالتجربة الوليدة كفيلة لتأهيل الخريجين والخريجات، ليكونوا أكثر ملاءمة ومواءمة تلبية لمُتطلبات واحتياج المرحلة المقبلة، وليس مجرد الدفع بآلاف الخريجين كل عام في المسار العام للغة العربية، المُكتظ أصلاً بأعداد كبيرة منهم - مع أهمية التخصص - وعلى هذا تقاس التخصصات الأخرى، التي يمكن كسر قوالبها الجامدة، لتتحول إلى تخصصات مرنة للمُستقبل .
يمكننا البدء من أول السلم، وتحديداً من المرحلة الثانوية لفكّ التشابه في المحتوى العلمي والمعرفي لجميع الخريجين الراغبين في الالتحاق بسوق العمل، بإدخال مسارات تأهيلية جديدة بخيارات متنوعة ومناسبة لحاجات المجتمع، وتهيئة بعض المدارس والمجمعات التعليمية لذلك، وهو ما سيجعل قدرات التعليم فعَّالة بشكل أوسع .
المسألة بحاجة لمن ينحاز للمُستقبل، باعتبار التعليم رمانة الميزان في حياتنا، حيث لا مكان للخوف والتردد خشية التغيير والتطوير، ولنا في جرس اللغة العربية المُعلَّق، خير مثال .
وعلى دروب الخير نلتقي.