موسكو - واس:
تفاعل الشعب الروسي بمختلف أطيافه مع فعاليات الأسبوع الثقافي السعودي الذي تستضيفه العاصمة الروسية موسكو في مقر نيومانيج للمعارض، حيث انتقلوا من روسيا إلى المملكة العربية السعودية في دقائق معدودة، واطلعوا على تاريخها وحضارتها عبر رحلة جذبت حواسهم بوسائط افتراضية اعتمدت على استخدام تقنية «الواقع المدمج» أو مايطلق عليها (الواقع المعزز Augmented Reality).
واستطاعت هذه التقنيات التي تعد ضربا من ضروب الخيال العلمي في العروض التثقيفية المشوقة أن تلفت وجدان الزائر عبر أسلوب بصري وسمعي في آن واحد تمثل في مشاهدة: الدرعية، وبيت نصيف، ومدائن صالح المسجلة في قائمة التراث العالمي، مع تسليط الضوء في عرض خاص على مكة المكرمة مصحوبة هذه العروض بشرح باللغات: العربية، والإنجليزية، والروسية.
ووقف الزائر الروسي كثيرًا أمام عروض مكة المكرمة الافتراضية، وحرص الجميع على الانتظار أمام شاشة العرض من أجل أن يحظى برؤية مكة المكرمة في الماضي، وما شهدته من تطور عبر الأزمان حتى العهد السعودي، بما في ذلك المشروعات التي نفذت في الحرم المكي، وكسوة الكعبة، وسقيا زمزم.
وتمكن زوار المعرض منذ انطلاقته من مشاهدة الدرعية القديمة والحديثة التي لعبت دوراً محورياً في التاريخ السياسي للمملكة كونها تمثِّل عاصمة الدولة السعودية الأولى، وذلك عبر دمج المعلومات الافتراضية مع العالم الواقعي.
كما شاهدوا «بيت نصيف» الذي بني في وسط جدة عام 1872م، وتجولوا داخل أروقته التي تعبر عن حقبة تاريخية من حقب تطور الفن المعماري القديم في الحجاز، ونزله الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- إبان دخوله جدة، ووقع فيه عدداً من الاتفاقيات مع السفراء ومندوبي مختلف البلدان، ناهيك عن مشاهدة مدائن صالح المعبرة عن زمن النبوة.
ومن الواقع الافتراضي إلى الواقع البصري الملموس، حيث انتقل زوار المعرض إلى صالة تضم 54 عملًا فنيًا قدمه أكثر من 34 فنانًا وفنانة سعوديين من رواد الفن الكلاسيكي والفن المعاصر، بمدارس فنية مختلفة في عرضها ومتفقة في جمالها الحسي، وعمقها الإبداعي في فكرة الرسم، أو التصميم، أو الالتقاط.
ويلفت نظر الزائر للمعرض الفني ثلاث سباح توسطت المعرض بطول أربعة أمتار لكل مسباح، وعلى مقربة منها توجد لوحة المواضع السبعة في الصلاة المصنوعة من لوح الأكرليك والصمامات الكهربائية، وسجادتا الصلاة المصنوعة من الداينامك المعدني بطول 150 في 70 سنتيمترا، والمصنوعة من الأنسجة الصناعية.
كما احتوى المعرض الفني على صور فوتوغرافية متنوعة عن مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وعروض فنية تشكيلية، وعرض مصغر لأحجار مكة المكرمة القديمة والطوب الذي بنيت به بيوتها، ولوحة نفذت بسلك سكرين على ورق، وصندوق ضوئي، ولوحة بالحفر على الكرتون.
والتقت «واس» في جولة لها بالمعرض بالزائرة الروسية عائشة، التي زارت المكان بصحبة أبنائها الثلاثة، وقالت وهي واقفة أمام صورة فوتوغرافية لمكة المكرمة: إنني سعيدة برؤية الكعبة المشرفة فقد زرتها حاجة عام 2010م، وكانت أجمل رحلة لي في حياتي، واليوم أشاهد المسجد الحرام بشكل ملفت للأنظار، ومختلف عن رؤيتي له قبل 7 أعوام.
وأكدت عائشة أن جميع المسلمين في روسيا يتشوقون لرؤية مكة المكرمة، ويتابعون بشغف أخبار المملكة التي تعبر عن الإسلام ولها مكانة كبيرة في قلوبهم، معربة عن تقديرها لمن فكر بإقامة هذا المحفل الثقافي في روسيا ليتمكن الروس من مشاهدة المملكة بصورتها الحديثة.
ومن جهتها عبرت الطبيبة الروسية سيفا عن إعجابها بما شاهدته من لوحات تشكيلية معبرة عن رقي مستوى الفن التشكيلي في المملكة، مؤكدة أنها ذهلت بالتطور الذي شهدته المملكة في مختلف المجالات خاصة في مجال التنمية، وتتمنى زيارة المملكة.
أما السيدة ناتايا البالغة من العمر 74 عامًا فقد أكدت أن هذا المعرض قدم لها فكرة مختصرة عن المملكة من ناحية التاريخ والإسلام، وتأمل أن تشاهد الكثير عن حاضر المملكة وتطلعات قيادتها من خلال رؤية المملكة 2030 التي اطلعت على نسخة منها مترجمة باللغة الروسية. ومن جهته أفاد الزائر الروسي فلاديمير موكارينكا 66 عامًا، أن المملكة تحظى باهتمام الإعلام الروسي، مستشهدًا بحجم التغطيات الإعلامية التي أبرزتها وسائل الإعلام الروسية عن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الحالية إلى روسيا. وأوضح أن المملكة جمعت بين القوة الاقتصادية والمكانة الإسلامية، وفي الوقت ذاته تميزت في الفنون بمختلف مجالاته، ولديها ثقافة عريقة تعتز بها، وتفخر بإبرازها عند أصدقائها مثل الروس، معربًا عن سعادته بما شاهده في المعرض من لوحات وعروض تعبر عن ثقافة الفن المعاصر في المملكة.
بدورها عبرت السيدة يوفقينيا 77 عامًا التي استوقفتها لوحة قبب مسجد المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، عن انبهارها بجمال الطراز المعماري الإسلامي، وأكدت أنها متشوقة لمعرفة الكثير عن المملكة التي اختزلت في ذاكرتها بمعالم جغرافية ترتبط فيها بالصحراء، لكنها استدركت قائلة: المملكة تشهد تطورًا مذهلًا مع عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز من خلال ما شاهدته من أخبار عن المملكة صحبة زيارته لروسيا، فهنيئا للشعب السعودي هذا الاهتمام والتطور.
وشهد افتتاح الأسبوع الثقافي السعودي في روسيا من قبل معالي وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عواد بن صالح العواد، ومعالي وزير الثقافة الروسي فلاديمير روستيسلافوفيتش، حضورًا كبيرًا من المثقفين، والمفكرين، والإعلاميين من كلا البلدين.