إبراهيم عبدالله العمار
كنت في مقهى وكان يجلس بجانبي رجل منهمك في حاسوبه، ومر به أحد من يعرفهم فسلم عليه هذا الماشي، لكن بطريقتنا التقليدية: «شلونك؟ كيف حالك؟ إلخ»، وأخذ يقذف هذه الأسئلة كمدفع رشاش يطلق التحايا بدلاً من الرصاص!
تعاطفت مع صاحبنا الجالس المشغول، فقد كان مركزاً على شيء مهم وقطع هذا تفكيره، لكن المزعج هو هذه التحايا التي لا تنتهي، والتي أجبرتني أن أقول في نفسي: «ادخل في الموضوع! اِرحم صاحبنا!»
هذه من الأشياء المزعجة بعض الشيء لدينا، أي المبالغة والإفراط في السلام والسؤال، رغم أن عبارتين أو3 تكفي، كما ترى عند بعض الشعوب الأخرى الذين يتفاجأون بكثرة أسئلة «شلونك» وأشباهها عندما يأتون لدينا، وأرى علامات الاستغراب إذا سأله أحدنا: هاو آر يو؟ هاو إز فاميلي؟ إفري ثينغ غود؟ يو أوكي؟ هاو آر يو (مرة ثانية!)، إلخ، التي ربما لا يسألها إياها أعز أصدقائه فضلاً عن شخص يلتقي به أول مرة! لا شك أن النية ودودة، وهي الرغبة في تحية الشخص بلطف وحرارة والسلام عليه سلاماً طيباً، لكن إذا زادت المسألة عن حدها صارت تضايق لمن يرون أن الآخر أفرط في استخدامها. أرى في بعض الشعوب أنه يحييك ثم يسأل سؤالاً واحداً على الأكثر يكتفي به.
عودة إلى صاحبنا، ذهب ذاك الشخص الواقف صاحب السلام الكثير، وبعد فترة مر به آخر وألقى عليه نفس المنوال، لكن هذا جلس معه، وظل تقريباً إلى آخر الجلسة يسأل كل بضعة دقائق: «وأخبارك؟ علومك؟ أخبارك؟ وش الجديد؟ كيف الأهل؟ بشرنا عنك؟»، وكدت أنتف شعر رأسي غيظاً وضجراً، ولا أتخيل حال صاحبنا!