خالد بن حمد المالك
بعيدًا عن الاستقبال الباذخ للملك سلمان في روسيا، واعتبار الزيارة الملكية زيارة دولة لروسيا، لا بد من القول إننا فعلاً أمام زيارة تاريخية وغير مسبوقة من حيث النتائج، بما ظهر لنا من خلال المشاهدة والمتابعة والتعرّف على ما جرى فيها من مباحثات ولقاءات ومنتديات ووثائق تم التوقيع عليها من الجانبين، إذ سار اليوم الأول مليئاً بالنشاط والحركة الدائمة للإسراع في الوصول إلى ما كان قد سبق الزيارة من تحضيرات لإنجاحها، سواء من الجانب الروسي أو السعودي، حيث الرغبة المشتركة لوضع العلاقات السعودية - الروسية في مسارها الصحيح.
* *
فقد شخّص الملك زيارته لهذه الدولة العظمى بالقول إنه يتطلع إلى تعزيز العلاقات بين بلدينا بما يخدم السلم والأمن والاستقرار ونمو الاقتصاد العالمي، وأجمل حديثه بالتطلع إلى أن يكون هناك توافق مع روسيا في العديد من القضايا الإقليمية والدولية والتنسيق المستمر في كل ما من شأنه تعزيز الأمن في أوطاننا، وزاد على ذلك بأن قال: إننا حريصون على استمرار التعاون الإيجابي لتحقيق استقرار أسواق النفط خدمة لنمو الاقتصاد العالمي، وأضاف أن لدينا فرصاً كبيرة تسهم في تنويع وتوسيع قاعدة التعاون الاقتصادي وفقاً لرؤية 2030، وأن المجتمع الدولي مطالب بتكثيف الجهود لمكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه.
* *
الملك وهو يزور روسيا وجدها فرصة مواتية ليسمع موسكو الموقف السعودي من إيران، فطالب إيران بوقف تدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وزعزعة أمنها واستقرارها، ومما قاله عن القضية الفلسطينية التأكيد على ضرورة إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وعن الوضع في اليمن أكد على أهمية الحل السياسي للأزمة اليمنية وفقاً للمبادرة الخليجية، وهكذا كان حضور خادم الحرمين، ما فسّر على أنه يريد أن يضع روسيا ورئيسها في أجواء السياسة السعودية المعتدلة في تعاملها ونظرتها إلى القضايا الثنائية والإقليمية والدولية.
* *
وقد ثمَّن الرئيس الروسي بوتين مواقف الملك سلمان ووجهات نظره، واعتبر الزيارة الملكية التاريخية لروسيا ذات أبعاد مهمة، فقال - ضمن ما قاله - بأن مباحثاته مع الملك كانت غنية بالمضمون، وأنها اتسمت بالثقة، مضيفاً أن زيارة خادم الحرمين الشريفين سوف تعطي زخماً قوياً لتطوير العلاقات بين بلدينا التي بدأت تشهد تطوراً ملحوظاً، معبراً في ذات الوقت عن سعادته وترحيبه بزيارة الملك، وكان ذلك ضمن الكلمات المتبادلة بين الملك والرئيس في بدء المباحثات الرسمية بحضور وفدي البلدين في قصر الكرملين.
* *
ومن بين النتائج الكبيرة التي كانت ثمرة هذه الزيارة التاريخية تبادل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وبرامج التعاون المشترك التي تمت بين الوزراء من الجانبين، بحضور سلمان وبوتين، وذلك قبيل حفل الغداء الذي أقامه الرئيس الروسي لخادم الحرمين الشريفين في قصر الكرملين، فهناك اتفاقية في مجال استكشاف الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، ومنصة استثمارية مشتركة، وصندوق الاستثمارات السعودية يستثمر في ثلاثة مشاريع للطرق والقطارات في روسيا، وتعاون في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات والتجارة، وتنفيذ برنامج ثقافي وآخر في المجال الزراعي والبيئة، وهناك مذكرة للتفاهم في مجال العمل والتنمية الاجتماعية، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، وتبادل عقود لتوريد أنظمة عسكرية، ومذكرة تفاهم لنقل وتوطين التقنية لتلك الأنظمة، وغير هذه من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تمت برعاية الملك والرئيس.
- يتبع -