عمر إبراهيم الرشيد
يعلم كل واعٍ لما تعنيه البيئة لجميع الكائنات وعلى رأسها الإِنسان، وما يتهددها على مستوى العالم كله ونحن كجزء منه، نتأثر ونؤثر في هذه البيئة المظلومة، بممارسات بني البشر وإهمالهم وإهدار مواردها وخيراتها إلا من رحم ربي.
من ضمن ما تزخر به الحضارة الإسلامية هناك أمثلة للوعي البيئي واعتبار الأرض وما عليها آياتٍ لله ومكملة لرسالة آدم وذريته لعمارة الأرض. الحديث الشريف (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها)، وفي نص وصية الخليفة الراشد أبي بكر رضي الله عنه لأحد قادة الجيوش الإسلامية: (لا تقطعوا شجرًا)!. فما بال هذا العداء للشجر و(اللعب) بتقطيعه وتقزيمه في شوارعنا ومياديننا، عدا عن (الاجرام البيئي) بالتعدي على الأشجار البرية بالاحتطاب الجائر من قبل مواطنين وعمالة تبحث عن الربح بأي وسيلة، وإن كان على حساب البيئة الوطنية والبرية.
تحريًا للموضوعية والانصاف والصالح العام، تتوزع المسؤولية على القطاع الحكومي والشعبي، وقد كتبت وكتب غيري الكثير عن هذا الأمر، ولن أمل ولا يجب الملل من طرح ومناقشة قضية حياة وصحة المجتمع والبيئة.
هنا أطرح اقتراحًا لعله يجد صدى لدى صانع القرار، وهو لم لا يكون هناك استفادة من تجربة المحميات وإدارة الهيئة العامة للحياة الفطرية لها، وتطبيق عقوباتها الصارمة والفورية حيث تقع المخالفة، من سحب السيارة والغرامة المالية المرتفعة وغيرها، للجم هذا السعار والعبث بالغطاء النباتي قل أو كثر ذلك الغطاء.
وبدلاً من حصر المراقبة ودوريات الحماية في المحميات، تعمم هذه الحماية لتشمل أكبر مساحة ممكنة لتقليل وتحجيم الاحتطاب الجائر وحتى الصيد، للكائنات البرية والطيور المهاجرة التي يتم اقتناصها والإضرار بالتوازن البيئي المحلي والعالمي الذي نحن جزء منه، فلماذا يكون بعضنا وبالاً على هذا النظام البيئي ونحن ننتمي لأسمى دين وحضارة؟!. وما أروع قصة الجيش النبوي مع حمامة شاهدها النبي صلى الله عليه وسلم تحوم حول الجيش فقال (من فجع هذه بأفراخها؟)، وحين علم بأن أحد أفراد الجيش قد اختطف فراخها أمره بردها إلى عشها!، فانظر إلى إِنسانيته عليه الصلاة والسلام، وإلى سمو هذا الدين وعظمة هذه الحضارة، فأين من يتسلون باقتناص الطيور المهاجرة أو الكائنات البرية واللعب بتعذيبها أو قتلها من هذا الهدي النبوي الكريم، وصدق المتنبي في قوله:
«ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ .. وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ»، طابت أوقاتكم.