جاسر عبدالعزيز الجاسر
من جديد يتأكد غياب منظمة الأمم المتحدة وضعف تمثيلها في اليمن واستلاب شخصية ممثليها في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الانقلابيين.
قبل أيام سلمت الأمم المتحدة تقريراً عن زج الأطفال في العمليات الحربية الدائرة في اليمن.
وقد استغرب كل من قرأ التقرير الذي مهر بتوقيع الأمين العام للأمم المتحدة، الذي لم يُحدث أي تغيير في نوعية وانتماءات موظفي الأمم المتحدة في اليمن، الذين يعملون جميعاً في المناطق القليلة المتبقية في اليمن تحت سيطرة ميليشيات الحوثي وفلول قوات علي عبدالله صالح وبالذات في العاصة صنعاء وميناء الحديدة.
ولهذا فإن التقرير الذي وضعته الأمم المتحدة عن توريط أطفال اليمن في المعارك الدائرة في اليمن استقت معلوماته عبر موظفي الأمم المتحدة الذين يعملون في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين من ميليشيات الحوثي وجماعة علي عبدالله صالح، وبالتالي لا يمكن أن يحصلوا على معلومات أو يصرح لهم بالحصول عليها إلا بما يسمح به وما يريده الانقلابيون، وإلا مصيرهم الطرد أو المضايقة، وهو ما يحصل للعديد من موظفي الأمم المتحدة.
المضايقات والإهانات وحتى التهديد بالقتل جعل الأمم المتحدة تقلص وجودها وتعتمد في الحصول على المعلومات وكتابة التقارير على موظفين محليين، جميعهم معيَّنون من قبل الحوثيين الذين يمثلون سلطة الأمر الواقع، التي عملت على تغيير سجلات وزارات الدولة التي سيطر عليها أنصارها، وهذه السجلات خاصة في وزارة الصحة تسجل ضحايا المعارك من الأطفال -الذين أرسلوا أساساً من قبل قيادات ميلشيات الحوثيين- على أنهم سقطوا نتيجة ضربات التحالف العربي.
ضعف تمثيل الأمم المتحدة وقلة مكاتبها وتخليها عن دورها في اليمن رغم أن تمويل أعمالها يأتي في معظمه من دول التحالف العربي، هذا الضعف في التمثيل الذي يصل إلى درجة الغياب وعدم معرفة ما يجري في اليمن -وبالذات في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثيين وفلول قوات علي عبدالله صالح- جعل المنظمة تعتمد في إعداد تقاريرها على سجلات وإفادات موظفي الوزارات في صنعاء، والتي جميعها يتم إعدادها من قبل الحوثيين.
وقد أظهرت الأمم المتحدة تقاعساً وتجاهلاً لدورها في اليمن من خلال عدم الاستجابة لطلبات دول الجوار والعديد من الدول، بأن تقوم المنظمة الدولية بإيقاف الانقلابيين عن تنفيذ عمليات القتل والتشريد لآلاف اليمنيين، من خلال مطالبتها بإدارة مطار صنعاء الدولي لوقف تدفق شحنات الأسلحة والعناصر الإرهابية القتالية التي ترسل إلى اليمن من قبل إيران وميليشياتها الطائفية في لبنان والعراق، وتخصيص مطار صنعاء فقط لاستقبال المساعدات الإنسانية والإغاثية التي يستعملها الانقلابيون للمتاجرة وشراء ولاء اليمنيين، هو نفس الدور الذي يقومون به في ميناء الحديدة، حيث تطالب الأسرة الدولية ودول التحالف العربي بتسليم الأمم المتحدة مسؤولية إدارة الميناء؛ لوقف استغلال الانقلابيين له لدعم حربهم ضد الحكومة الشرعية والشعب اليمني.
وعلى الرغم من كثرة المطالب وتأييد العديد من الدول لا تزال الأمم المتحدة ترفض القيام بدورها، وبخاصة في وضع حد للاستغلال غير الشرعي لمطار صنعاء وميناء الحديدة ووقف حصار تعز، ومع هذا تتبنى وتعتمد على سجلات الانقلابيين في وضع تقاريرها عن اليمن، مما يضع العديد من علامات الاستفهام عن دور الأمم المتحدة في اليمن، والتساؤل عن الجهات التي تدعم أعمالها المشبوهة في اليمن، مما يتطلب فضحاً وتحركاً جاداً لوقف هذه الممارسات المشبوهة التي تضاف إلى الأعمال الكثيرة التي يثيرها موظفو الأمم المتحدة في المناطق التي تشهد نزاعات.