خالد بن حمد المالك
أظهرت الزيارة الملكية لروسيا الاتحادية وجود آفاق كثيرة للتعاون بين الرياض وموسكو، على الرغم من السنوات الصعبة التي امتدت لنصف قرن قطعت خلالها العلاقات، وصاحبها تباعد ونفور وبرود في العلاقات، فقد أذيب الجليد وعادت العلاقات بأفضل مما كانت، منذ زيارة الملك عبدالله الذي مهد لها، وتالياً بعد زيارة مهندسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليتوّج الملك سلمان هذه العلاقة بالمواصفات والمتطلبات التي تخدم بلدينا، ولا تكون رهينة ضغوط لمواقف قد تستجد فتؤثِّر عليها سلباً، لأن ضيف روسيا أدرك أهمية اختيار التوقيت للزيارة، وأهمية الاقتصاد في تجذيرها، ورأى في الرئيس المضيف شريكاً يعتمد عليه في ذلك.
* *
وباستعراض جوانب أخرى مما تم في هذه الزيارة التاريخية سنجد أمامنا الكثير مما يستحق التعليق عليه والتوقف عنده، فالعلاقات السعودية - الروسية كما قال وزير الخارجية عادل الجبير هي الآن في نقطة تاريخية، حيث أصبحت علاقات مؤسساتية، تشمل وزارات وقطاعات متعدِّدة، منوّهاً بما تم إطلاقه من استثمارات، ودورها في تعزيز التجارة بين البلدين، مشيراً إلى أن التشاور بين المملكة وروسيا مستمر وبنّاء في كل القضايا، وصولاً إلى إسهام الدولتين في تحقيق الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم.
* *
يقول وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح إن الزيارة تكتسب أهميتها من كون أن هناك المزيد من الفرص للتعاون بين الرياض وموسكو، في مجال صناعة القطارات والسكك الحديدية والاستفادة من تجربة روسيا في توطين بعض القطاعات الصناعية، أي أن الزيارة - بحسب وصف الوزير الفالح - سوف تؤدي إلى نقلة كبيرة في مجال العلاقات الثنائية، وأن التنسيق بينهما سوف يحقق نتائج إيجابية في المجال السياسي والاقتصادي وتحديداً في مجال الطاقة، مضيفاً إلى أن هناك فرصاً للتعاون في غير مجال الطاقة، مثل التصنيع والتعدين والوصول إلى الأسواق الناشئة في أفريقيا والشرق الأوسط.
* *
وزير الثقافة والإعلام: الدكتور عواد العواد وصف زيارة الملك سلمان لروسيا بأنها زيارة تاريخية، وأن الزيارة سوف تنقل البلدين إلى مرحلة مهمة في العلاقات الثنائية، لأن روسيا دولة محورية ليس على مستوى الشرق الأوسط فقط وإنما على مستوى العالم، ونوَّه بتبادل عدد من الاتفاقيات في عدد من المجالات كالطاقة والاستثمار والبيئة والتعاون الزراعي واتفاقيات عسكرية وتعليمية وبرنامج تنفيذي ثقافي وافتتاح مكتب إعلام سعودي في موسكو، وأن العلاقة بين الدولتين تمتاز بالتفاعل والتطور والدعم من خادم الحرمين الشريفين ومن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأن هذه العناية من المقام الكريم تؤكِّد على عمق الروابط التاريخية بين الشعبين الصديقين، مضيفاً أن أحد العناصر الأساسية لدعم الشراكات يأتي من نشر المعرفة الإنسانية وتبادل التجارب والخبرات الثقافية.
* *
وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي قال من جانبه إن هناك آمالاً واسعة لتنمية التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين الصديقين، وإن المملكة في ظل رؤيتها 2030 حريصة على تنمية وتشجيع الاستثمار، ومساهمة القطاع الخاص، وتذليل التحديات التي تواجهها في ظل انفتاح الأسواق ووجود الأنظمة التي تخص المستثمرين لتعزيز وتنمية علاقاتها التجارية والاستثمارية التي تتلاقى مع التوجهات الحالية والمستقبلية للاقتصاد الروسي، مضيفاً أن آفاق منتدى الاستثمار السعودي - الروسي في موسكو هو إحدى آليات دعم وتطوير التجارة والاستثمار بين البلدين الصديقين، وأحد مكونات اللجنة السعودية - الروسية المشتركة ومجلس الأعمال السعودي - الروسي المشترك.
* *
هذه الصور الجميلة التي رسمها أربعة من الوزراء السعوديين الأعضاء في الوفد السعودي المرافق لخادم الحرمين الشريفين في زيارته التاريخية لروسيا، تظهر أهمية الزيارة في وضع العلاقات بين بلدينا في الطريق الصحيح، بعد أن تم التغلّب على البرود أو القطيعة التي صاحبتها خلال سنوات خلت، ما يجعلنا نؤمل بأن تكون هذه الزيارة الملكية المهمة فاتحة خير لمزيد من الشراكات في المستقبل.
- يتبع -