رقية سليمان الهويريني
تنتشر رسائل على قنوات التواصل الاجتماعي تحرّض الأمهات والآباء على تفتيش جوالات أبنائهم حتى لا يشاهدوا مقاطع الفيديوهات الإباحية أو المشاهد المخلة بالأخلاق! وتقوم بعض الجامعات بهذا الدور الذي يبنى على الشك وفرض الوصاية وعدم احترام الخصوصية الشخصية!
العجيب أن إحدى الأكاديميات في جامعة سعودية تعمل في الإرشاد الطلابي كتبت تغريدة فحواها «لو تعلمون ما تواجه موظفات التوعية من مشاكل أخلاقية بين الطالبات لكنتم عوناً لهم حتى نساهم في (تطهير) المجتمع» هكذا تطهير!!
ولا شك أن دور التحري والتفتيش ليس من مهام الجامعات مطلقاً؛ حيث ينبغي الالتزام بالهدف من التعليم الجامعي وهو التأهيل لمستقبل عملي أو أكاديمي وتثقيف عام، وعدم الحياد عنه، فمهمة التربية تناط بالأسرة فقط! وقد أحسنت الحكومة حين عزلت التربية عن التعليم، بعد أن تداخلت المسؤوليات فتخلت الأسرة عن دورها وأوكلته للتعليم! فأصبحت المدرسة تربي وتغذي وتختار حتى نوع اللباس والهيئة وطريقة الحياة عبر نموذج معد مسبقاً يتم من خلاله إنتاج الطلبة كقوالب متشابهة بلا رأي ولا محتوى ولا قدرة على التفكير!
ولئن تساهل المجتمع والمربون مع اجتهادات التعليم العام؛ فإنهم لن يقبلوا مطلقاً أن يمارَس على بناتهم الجامعيات مصادرة الحرية أو الوصاية أو التشكك بهن. لذا ينبغي الاكتفاء بالتوجيه العام وليس الشخصي دون عنف أو قمع، ومن تخالف -من الطالبات- النظام العام تعاقب، وليس اجتهادات عشوائية فردية ترسمها إدارية متزمتة أو تشكلها أكاديمية متشددة عاشت في أجواء الريبة والتشكيك!
ولأنه لا يحق لأي جهة غير مخولة أمنياً بتفتيش المتعلقات الشخصية أو البحث والتحري عن أدلة لسلوك غير مقبول شخصيا أو اجتماعيا إلا بموجب أمر قضائي أو بطلب من النيابة العامة؛ فإنه يلزم توجيه الجامعات التي تقوم بهذا الفعل وتنبيهها، لأنه انتهاك لخصوصية الطالبات وإهانة لهن ويُعدُّ واحداً من أشكال العنف!
ما يؤسف له أنَّ تلك التصرفات تأتي في الوقت الذي تسعى فيه القيادة حفظها الله للرفع من قيمة المرأة ومنحها كامل حقوقها وعدم التعدي عليها.