فهد بن جليد
في يونيو عام 2016 كشف أنديرس كومباس (دبلوماسي سويدي سابق) عن الأسباب الحقيقة وراء استقالته من الأمم المتحدة (كمسؤول كبير ومدير للعمليات الميدانية) في المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بتأكيده بعد 21 عاماً قضاها في أروقة المنظمة الدولية أنَّها تعاني من الفساد الأخلاقي والاختلال الوظيفي، وأنَّ المنظمة ستكون عاجزة عن إحلال السلام دون تغيرات كبيرة لإحياء السلوك الأخلاقي داخلها أولاً، حتى تكون قادرة للتصدي بنجاح لتحديات اليوم وغداً.
الأمم المتحدة تفقد في كثير من القضايا الإنسانية حول العالم الموضوعية والحيادية، وبالأخص عندما تتجاهل البعض منها كي لا تثبت عجزها مثلما هو الحال في سوريا، بل وقد تقوم بمحاولة تظليل الرأي العام الدولي، بمُمارسات خاطئة وغير أخلاقية ومنحازة وغير مقبولة ومُضلِّلة من بعض موظفيها، وأعني هنا تحديداً كيف خذلت المسلمين في الروهينجا طوال السنوات الماضية - قبل تفاقم مأساتهم - بمحاولة وقف مناقشة قضيتهم وحقوقهم، ومنع وصول نشطاء حقوق الإنسان إليهم للتأكد من عدم وجود تطهير عرقي ضد المسلمين هناك، وهذا مُثبت بتقرير مطوَّل نشرته BBC نهاية سبتمبر الماضي، عن تورط مسؤولة الأمم المتحدة في ميانمار (بورما) واسمها بحسب التقرير (ريناتا لوك - ديسالين) في هذه القضية، وأنّ تجاهلها لقضية المسلمين هناك ومحاولة إغلاق التحقيق العلني لها، وعزل الموظفين الذي يحذرون من المأساة قبل وقوعها، هو ما أوصل الملف وموقف المنظمة الدولية لهذه الحال، وعلى هذا قس الكثير من القضايا الإنسانية والأزمات في العالم.
لستُ هنا بصدد تقييم عمل ودور المنظمة الدولية، ولكن تقريرها الأخير أثبت فشلها الذريع في اليمن، وعجزها عن لعب أي دور لوقف انتهاكات الحوثيين ضد الأطفال والمدنيين والشرعية، واعتمادها على تقرير كاذب، ومعلومات مغلوطة مُضللة، وهو دليل آخر على حجم الغبش والعمى الذي أصاب عين المنظمة الدولية، التي تصم أذانها عن سماع الحقيقة التي يقدمها تحالف دعم الشرعية في اليمن، والذي أعلن عدة مرات التزامه بقواعد الاشتباك الدولية، وحماية الأطفال بإنشاء وحدة خاصة برعايتهم في الحرب، ونجاحه في حماية الكثيرين منهم وإعادتهم لبلادهم، وتجنيبهم مخاطر وويلات الحرب التي ورَّطهم فيها الانقلابيون.
بات واضحاً تخبط الأمم المتحدة في اليمن وتأثرها بتلك التقارير المُضللة والخادعة التي تعتمد على الرواية الحوثية الكاذبة، ربما نتيجة تعاطف بعض الموظفين في المنظمة الدولية معها وتصديقها - لأسباب طائفية - ومحاولة اعتمادها وتضمينها رأي ورؤية المنظمة وأمينها العام، مع تجاهل الحقائق المثبتة التي يقدمها التحالف الدولي لدعم الشرعية ويعلنها باستمرار، والتي تثبت تورط الحوثيين في جرائم ضد الأطفال والمدنيين ليس في اليمن وحده، بل وحتى عند قصف المدن السعودية المُحاذية للحدود.
ما حدث ورَّط الأمين العام للأمم المتحدة بشكل مُهين في تقرير خاطئ وكاذب لا يعكس الحقيقة ولا يمت للواقع بصلة، و يشعرنا كمُراقبين بأنَّ مُسلسل الفساد والتخبط الذي تحدث عنه الكثيرون - داخل وخارج المنظمة - ما زالت فصوله مُستمرة، ولكن بصبغة طائفية هذه المرة.
وعلى دروب الخير نلتقي.