خالد بن حمد المالك
نحاول أن نختصر حديثنا عن الزيارة الملكية لروسيا بالتركيز فقط على أهم المضامين التي تمثِّل النتائج لهذه الزيارة التاريخية، لكن ما تم من إنجازات واتفاقيات، وما عُقد من ورش عمل ومنتديات استثمارية وأسبوع ثقافي، وتكريم خادم الحرمين الشريفين بمنحه شهادة الدكتوراه من أعرق وأهم الجامعات الروسية، وكذلك لقاءات خادم الحرمين مع الرئيس ورئيس الوزراء وبعض الوزراء، وكذلك اللقاءات بين الوزراء السعوديين المرافقين لخادم الحرمين الشريفين ونظرائهم في الجانب الروسي، لا يترك لنا فرصة دون إعطاء إشارات إلى وعن جوانب الأهمية والنجاح التي تحققت في هذه الزيارة.
* *
الملك سلمان - بحسب تصريح لوزير الخارجية عادل الجبير- سبق بدء الزيارة بإصداره التوجيه الكريم بتطوير التعاون مع روسيا الاتحادية في كل المجالات؛ وبالتالي فقد تم التوقيع على حزمة من الاتفاقيات الثنائية بالغة الأهمية بين بلدَيْنا. مضيفًا بأن التعاون السعودي - الروسي سيرتفع دون أدنى شك بفضل هذه الزيارة من مستوى العلاقات الحسنة إلى مستوى العلاقات الممتازة. فيما علقت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالينينا على الزيارة بأن روسيا تدرك جيدًا أن تطوير التعاون مع المملكة لا يخدم مصالحنا المشتركة فقط، بل يشكِّل عاملاً جديًّا للاستقرار في المنطقة؛ لكون السعودية إحدى أكثر الدول تأثيرًا في الشرق الأوسط والعالم برمته، كما جاء في تصريحها عن الزيارة.
* *
كان هناك على هامش الزيارة ما سُمي بـ(حوار الرؤساء التنفيذيين السعودي - الروسي)، وضم عددًا من رجال الأعمال في الجانبين. ومن جانبه، قال رئيس مجلس الغرف السعودية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي إن هناك الكثير من الفرص للتعاون التجاري والاستثماري بين البلدَيْن، وطالب بإيجاد علاقات مثمرة ومتوازنة، تتيح حرية التجارة بين الجانبين، وتساعد في الوقت ذاته في دخول المنتجات السعودية والروسية لأسواق البلدَيْن، وأهاب بمجلس الأعمال السعودي - الروسي المشترك بأن يقوم بدوره في متابعة ووضع آليات التنفيذ لنتائج الحوارات التي جمعت رجال الأعمال في المملكة وروسيا. وقال ممثل المجلس العربي الروسي يوفتوشنكوف إن العلاقات بين المملكة وروسيا تسير في تطوُّر مستمر، ومن المهم زيادة معدل التعاون بين البلدين.
* *
وسائل الإعلام الروسية اهتمت بالزيارة، وأعطتها مساحات كبيرة، سواء المقروء أو المشاهد منها. وكان واضحًا أن موسكو كانت تنتظر هذه الزيارة التاريخية، وتعوّل عليها كثيرًا في بناء شراكات وتفاهمات، تخدم بلدَيْنا. وكان الملك والرئيس حريصَيْن على دفع العلاقات إلى مستويات عالية سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا وعسكريًّا وثقافيًّا، وهو ما عبَّر عنه الوزراء في الجانبين في مؤتمراتهم الصحفية واجتماعاتهم الثنائية، بل إن ما تم التوصل إليه من اتفاقيات تم توقيعها، وكذلك مذكرات التفاهم التي سوف تتحول قريبًا إلى اتفاقيات، كلها تؤكد أن الزيارة قد حققت أهدافها بامتياز.
* *
التعاون العسكري بين موسكو والرياض الذي غاب طويلاً أخذ حقه من اهتمام الملك والرئيس متزامنًا هذا الاهتمام مع الزيارة، فكان أن وجه نائب الملك سمو الأمير محمد بن سلمان بالاتفاق مع روسيا على توريد عدد من أنظمة التسليح للمملكة؛ إذ تم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم سعودية - روسية لتوطين وتوريد أنظمة صاروخية وراجمات وأسلحة متقدمة وغيرها من المعدات والأسلحة. ليس هذا فقط، ولكن هناك التزام روسي بنقل التقنية وصولاً إلى صناعة واستدامة هذه المنظومات في المملكة. كما اشتملت الاتفاقيات على برامج لتعليم وتدريب الكوادر الوطنية في مجال الصناعات العسكرية. ومن المتوقع أن تقوم هذه الاتفاقيات بدور محوري في نمو وتطوير قطاع صناعة الأنظمة العسكرية والأسلحة في المملكة، بما يحقق أهداف رؤية المملكة؛ إذ توفر هذه الاتفاقيات مئات الفرص الوظيفية المباشرة، إضافة إلى إسهاماتها الاقتصادية.
* *
وحدها شركة أرامكو السعودية أبرمت خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين خمس مذكرات تفاهم مع كبرى شركات الطاقة الروسية، تفاصيلها: ثلاثية الأطراف. وتمهد هذه المذكرة الطريق أمام تطوير الأعمال الجديدة عبر سلسلة القيمة للطاقة، وخدمات حقول النفط والتصنيع، ومجمع الصناعات البحرية في رأس الخير، والشركات المرتقبة في مدينة الطاقة الصناعية التي طورتها أرامكو السعودية، ومذكرة تفاهم أخرى تمكِّنها من تطوير محفظة أعمال كبيرة، تُعنى بالتنقيب عن الغاز وإنتاجه على الصعيد الدولي. وهناك مذكرتا تفاهم، إحداهما تصل من خلالها أرامكو إلى مصافي البحر الأبيض المتوسط، والأخرى في مجال التقنيات والبحوث والتطوير. وأخيرًا هناك مذكرة تفاهم، تمكِّن الجانبين من الاشتراك في تقييم الفرص المحتملة للتعاون في قطاع البتروكيماويات.
له تابع...