خالد بن حمد المالك
لا جدال في أن زيارة الملك سلمان لروسيا الاتحادية كانت من الأهمية بدرجة لا يزال الحديث عنها هو الموضوع المفضل والمهم للدوائر السياسية ووسائل الإعلام، وأن الملك سلمان والرئيس بوتين قد حسما أمر العلاقات الثنائية التي كانت توصف بالبرود، لتكون في أفضل مستوى لها، وأن ترتفع إلى مرحلة الامتياز كما وصفها وزير الخارجية عادل الجبير، لكن المهم في الزيارة أن الملك والرئيس عثرا على أن مفتاح إذابة الجليد في علاقات البلدين يأتي من خلال بوابة الاقتصاد والاستثمار المتبادل، وصولاً لاحقاً لتحسين المزاج بالنسبة للقضايا السياسية.
* *
في الزيارة كان هناك عمل كبير يجري في الهواء الطلق، وتعلن نتائجه أولاً بأول، وندوات ومنتديات يُدعى لها عدد كبير من الحضور، بما قرب الناس إلى متابعة ومعرفة ما يجري ويتم من قرارات في هذه الزيارة التاريخية، ومرة أخرى فإن المهم أن الأبواب كانت مفتوحة لتأصيل العلاقة الجديدة بين بلدينا، ليس هذا فقط، وإنما في شراكات متوازنة ومتكافئة هنا وهناك، فالهدف أن تلبي المصلحة القصوى التي تسعى لها كل من الرياض وموسكو، في مرحلة اقتصادية وسياسية وأمنية دقيقة تتطلب أن يكون هناك مثل هذا التوافق.
* *
ويمكن لنا أن نلخص هذا بما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وهو يغادر روسيا عائداً إلى الرياض في برقية بعث بها إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن المباحثات المشتركة بينهما قد أكدت العزم على المضي قدماً في تعزيز العلاقات بين بلدينا في المجالات كافة، والعمل على استمرار التنسيق والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الصديقين والأمن والسلم الدوليين، أي أن هناك رغبة مشتركة أفصح عنها الملك لتحقيق المزيد من الشراكات في المستقبل.
* *
وكان من بين مظاهر الاحتفاء بزيارة الملك سلمان لروسيا الاتحادية، والترحيب غير العادي الذي صاحب تنقلاته ومباحثاته ولقاءاته، منحه شهادة الدكتوراه الفخرية للعلاقات الدولية من جامعة موسكو الحكومية، وخلال حفل التتويج (للدكتور سلمان) الذي حضره أعداد كبيرة من أساتذة الجامعة وطلابها وطالباتها والوفد السعودي المرافق، قال الملك: نحن في المملكة نولي اهتماماً كبيراً بايجاد جيل جديد يسهم في بناء الحضارة الإنسانية، وأدعو الجامعات ومراكز العلم في بلدينا لتعزيز لغة الحوار الهادف ونشر المعرفة، وأضاف: نشيد باعتزاز وفخر بتراث الأمتين العربية والإسلامية في ميادين العلوم المختلفة، ومما قاله الملك سلمان في كلمته: أدعو الجامعات في بلدينا الصديقين إلى مد جسور التواصل وتطوير البحوث المشتركة، والاهتمام بالعلم والابتكار والتطور التقني وتطوير الكفاءات البشرية، وأن علينا تكوين أجيال متعلمة تقود المجتمعات.
* *
بهذه الرؤية، والشفافية والوضوح، وقراءة ما ينبغي أن نكون عليه في المستقبل، تحدث بها الملك، وأصغى الحضور، وتفاعلوا مع كلماته، وصفقوا لها، وتحدثوا عنها، ففيها توجيهات، وعلم ومعرفة، وحضور واستدعاء لما يجب أن يتعرف عليه الجميع، أي أننا كنا أمام تجارب غنية بالتطلعات التي يقودها الملك سلمان، عبر عنها ضيف روسيا الاتحادية بهذا الزخم، وبتلك المضامين، وكانت فرصته للبوح بها في هذا الموقع الأكاديمي المهم، وبهذه النوعية النخبوية الذين كانوا يستمعون إليه، مبهورين بكلماته، وكلهم إصغاء وتفاعل وانتشاء.
يتبع