جاسر عبدالعزيز الجاسر
كدأب معظم الهيئات والمنظمات الدولية سارت الأمم المتحدة على نفس المنوال وهو حصر نشاطها وعلاقاتها في عواصم الدول حتى وإن سقطت تلك العواصم في دائرة الاحتلال أو الهيمنة، أو طغيان نفوذ دولة أخرى غير الدولة التي تخضع عاصمتها لسيطرة وكلاء تلك الدولة، بل إن المنظمات الدولية ومنها الأمم المتحدة تصبح أسيرة مجموعة من قوى أمر الواقع، إن كانت مجموعة من العسكريين بعد انقلاب فئة من العسكر أو سيطرة ميلشيا حزبية أو طائفية كما هو حاصل في اليمن.
تعلم الأمم المتحدة وكل المنظمات والمكاتب التابعة لها في اليمن أن الانقلابيين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات التي تقلصت وانحصرت في صعدة وحجة وعمران وبعض المديريات من محافظات أخرى، وأن الحكومة الشرعية التي تقول الأمم المتحدة إنها الجهة الشرعية الوحيدة الممثلة لليمن، إلا أنها وبسبب الأمر الواقع تتعامل مع «سلطة الأمر الواقع في صنعاء» والأمم المتحدة وعبر مندوبيها والمنظمات التي توجد هناك يعلمون أن لا سلطة موجودة في صنعاء، إذ تدير السلطة مليشيات وفق أسلوب العصابات، فالأوامر والتعليمات تصدر بقوة السلاح ومن لا يستجيب لهذه اللغة يصبح ضحية لها، أو السجن دون محاكمة، وحتى أعضاء المنظمات الدولية وفروعها العاملون في اليمن خاضعون لهذه القوة ومن لا يستجيب تحاصره المضايقات والتهديدات التي تصل إلى حد التصفية، ومع أن موظفي تلك المنظمات الدولية قد اختيروا من العناصر الموالية والتي تتوافق مع أفكار وسلوك الانقلابيين حتى وإن كانوا من رعايا دول أخرى، إلا أنهم ولكي يرضوا الانقلابيين يضعوا تقارير وينفذوا تعليمات قادة الانقلاب وتدعم وجهات نظرهم وادعاءاتهم، أما خوفا من تبعات معارضة سلطة الأمر الواقع، أو تعاطفاً لأنهم ينتمون إلى جهات قدموا منها يتبنون أفكاراً واحدة تعمل على تنفيذ أجندة طائفية كما المدعو جوزيف أبو الزلف اللبناني الذي يعد ممثلا لحسن نصر الله أكثر مما هو ممثل للأمم المتحدة. وطالما لا تزال مكاتب منظمات الأمم المتحدة في صنعاء ولا تنتقل إلى المناطق المحررة في عدن وغيرها، فإن الأمم المتحدة ستكون أسيرة لسلطة الأمر الواقع في اليمن مثلما هي أسيرة لقوة سلاح الإرهاب في عواصم أخرى.