د. خيرية السقاف
يحمل المرء معه حيث يتحرك مستودعاً للسعادة, هذه الكامنة أبجديات تفاصيلها فيه دون أن يتفكر فيها..
تدرُّ عليه هذه المكوّنات بهجته, وثقته, وتفاعله, واطمئنانه, وتبدو في كل حركاته, وسكناته, والتفاتاته, ومبادراته..
ففي مستودعه الصحة, والعافية بكل تفاصيلهما في جسده, ونفسه, وعقله, وقواه المختلفة الأخرى أبجديات سعادته, وبما فيه من فطرة الأخلاق, والإحساس, إضافة إلى مكاسبه المضافة من حصيلته المعرفية المكتسبة, وعموم ثقافته المضافة, وتراكم تجاربه المتراكمة, وخبرات الحياة التي يعبر بمراحلها, كل هذا المخزون في مستودع داخله المخبأ في جوفه روافد تمد بسعادته, وتضخ إليه بالتالي بما يستقي, ينهل, ويضيف..
حتى إذا أخذ هذا المستودع في التخلُّص من عناصر سعادته حين يترك لدودة التفريط أن تنخر في هذا المستودع, وتدلقه للتبخر, والوهج, والتلاشي, والعطب, فإنه يأخذ يولول, يتذمر, يدّعي الفقر من السعادة, وقد كانت خصبة بين يديه, يملك مفتاح مستودعها, وخطام راحلتها..
ولأنّ ما في هذا المستودع هو نِعَمٌ يحظى بها الإنسان, وعليه الاجتهاد في رعايتها وحفظها , فإنّ التفريط فيها, وادعاء الحاجة إليها بعد تبديدها من نكد المرء الذي يصنعه لنفسه..
فسعادة المرء بصحته, وبأخلاقه, وبمكتسبات خبراته, ومحاصيل حياته لهي كلها معاً من الكنوز التي لا يليق بالعاقل أن يفرط فيها لمجرد أن يخوض في حياته, دون مبالاة بما يلوِّث ما حوله فيتلوّث ما في مستودعه, ويعطب..