زكية إبراهيم الحجي
يُقاس تطور المجتمعات ورقيها بدرجة التطور الثقافي والاجتماعي للمرأة.. ومدى إسهامها الفعال في البناء الحضاري والتطور التنموي لوطنها وعلى مختلف الأصعدة.. فالمجتمع الذي يؤمن بدور المرأة في البناء والتطور يكون مجتمعاً متوازناً ومتحضراً وبلغ مرحلة من الوعي والنضج الحضاري ما جعله يُدرك تماماً أن اليد الواحدة لا تُصفق.. وأن أي حضارة مهما تفردت أو تنوعت لا يمكن أن تستمر طالما وُجد تفاوت أو إقصاء أو تحجيم لأحد جناحي المجتمع «المرأة».
في وطني وفي ظل متغيرات جريئة وإيجابية تُسابق الزمن نشهد اليوم واقعاً ملموساً بعد أن كان حلماً يراودنا على مدى عقود من الزمن ونخشى البوح به قولاً أو كتابة بشكل علني لأنه من المحرمات في نظر المتشددين والمتطرفين.. وجرم تُعَاقب عليه المرأة.. هذا عدا كونه انقلاب على الأعراف والتقاليد المتوارثة عن الآباء والأجداد.. كانت المرأة رهينة لها في ظل سطوةٍ ذهنيةٍ ذكورية حاصرت وجودها بنتاً وأختاً وزوجة وحالت دون تنامي دورها اجتماعياً واقتصادياً وتعليمياً.. ناهيك عن تلك النظرة القيمية الخاطئة والتي لا تؤمن بحق الأهلية الكاملة للمرأة ولا تدرك بأن معادلة التكامل لصنع الحياة الهادفة والمتقدمة تقوم على أكتاف المرأة والرجل على حد سواء.
اليوم وفي ظل قيادة حكيمة.. نستشرف المستقبل بخطى سريعة وقفزات وثابة.. نسابق الزمن فالتغيير لم يترك مجالاً من مجالات الحياة إلا طرقه ولا مستقبلاً إلا رسمه وطوعه ولا قطاعاً من قطاعات الحياة إلا وغير أحواله إلى الأفضل..التغيير من سنن الحياة.. نرسمه فيرسمنا نقصده فيأسرنا.. قد نخافه ونخشاه لكننا نقاوم بقوة إرادتنا وعنفوان عزمنا.. وصلابة الأرض التي نقف عليها.
ولأن الشريعة الإسلامية كفلت المساواة العادلة بين الرجل والمرأة لذا فإن تمكين المرأة السعودية عامل أساسي في عملية التنمية.. وبالفعل كان تحولاً تاريخياً.. وعصراً جديداً للمرأة السعودية يوم تربعت بزهو وفخر على مقعدها تحت قبة مجلس الشورى لتمثل نساء الوطن في سابقة هي الأولى من نوعها لتتوالى بعدها فرص مشاركتها واندماجها في مجالات التنمية المتعددة باعتبارها تمثل نصف الموارد البشرية في المجتمع.
الثلاثاء 26 سبتمبر 2017 يوم تاريخي سيبقى محفوراً في ذاكرة الوطن.. يوم القرار التاريخي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله حيث سمح للمرأة باستصدار رخص قيادة شأنها شأن الرجل وحق من حقوقها.. قرار أتى ليضع حداً لجدل دام عقوداً من الزمن.. وليغلق أحد أهم وأشد الملفات الشائكة في وسط المجتمع السعودي.. هنيئاً لنساء وطني هذا الانتصار وهنيئا لوطن شامخ لم تعد فيه المرأة رقماً صعباً.