محمد بن عبدالله آل شملان
عندما كرَّمت منظمة السياحة العالمية في دورتها الـ 22 التي انعقدت في مدينة شنجدو بجمهورية الصين الشعبية الأربعاء 13 سبتمبر 2017 رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - فإنما يدل على ما يحققه وطننا الكبير (المملكة العربية السعودية) من إنجازات فكرية وحضارية.
وهذا التكريم يسجِّل ريادية سياحتنا وتراثنا ومنجزاتها التي تجاوزت محليتها نحو آفاق عالمية، وهو حضور كبير للعقل السعودي والفكر السياحي والتراثي الذي يتميز به خطابنا الرائد، ونعده - حقيقة - منجزًا فاخرًا؛ لأن الفخر بوابة جديدة، دخلنا به مسارات الرؤية السعودية 2030.
إن التكريم الذي لمسناه لوطننا لم يأت مجاملة، بل اعترافًا لعطاء الإنسان السعودي. ولعلنا عشنا في الآونة الأخيرة إنجازًا سعوديًّا بتأهل المنتخب السعودي إلى كأس العالم 2018 بروسيا، وغيرها من المنجزات السعودية التي نشهدها في القرن الحادي والعشرين. وهذه تتم بفضل الله، ثم بالدور القيادي الذي تنتهجه سياسة المملكة حكومة وشعبًا.
أما صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني فلا ينتظر أن نورد الصفات والخصال التي أهلته، ولا في حاجة لوضع المبررات.. وعرض المبررات لا مشاحة فيه؛ لأن من الأعراف العالمية في تبرير الأشياء ومعرفة الآخر معرفة الدوافع وراء حصول الإنسان على جائزة أو منصب، ولكن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز شخصية «أسطورية». وهنا أستعمل مفهوم «الأسطورة» دلالة على تجاوز المألوف، والخروج من نمطية أداء الإنسان العادي الذي يمارس مهامه وعمله بتلقائية دارجة، دون أن يكون ثمة تغيير يطرأ على سير هذا العمل.
وهذا ما لا نراه في صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، أول رائد فضاء عربي، وأول رائد فضاء مسلم، الإداري، المثقف، المبتكر، المتفوق، وغيرها من الألقاب التي نالها سمو الأمير وتجاوزها، وظلت بمنزلة ألقاب لا تغني ولا تسمن من جوع. إن سمو الأمير سلطان أبهر القارئ السعودي أو المواطن العربي، أو الفرد العالمي. ويأتي اختياري مصطلح القارئ للعلاقة الوثيقة التي ربطتني بنتاج سموه الكريم الأخير عبر كتابه «الخيال الممكن».
ولا يغيب عن الإنسان السعودي أو المواطن العربي أو الفرد العالمي دور وعمل سمو الأمير لمصلحة قطاعات السياحة في الوطن بشكل جاد، وإسهامه في بناء مستقبل أفضل لوطنه. وإنه بفضل رؤيته والتزامه أضحت السياحة في المملكة اليوم إحدى أهم ركائز اقتصادها، فضلاً عن جهوده الكبيرة والتصاقه بالناس الذي جعلهم ينظرون إلى السياحة بشكل مختلف تمامًا.
ولا يغيب أيضًا عن الإنسان السعودي أو المواطن العربي أو الفرد العالمي أن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز محط أنظار المؤسسات والمنظمات السياحية والتراثية؛ فأينما يتجه سمو الأمير نرى ركض تلك المؤسسات والمنظمات خلفه؛ فقد اشتغلوا بتجاربه الشخصية والمؤسسية عن مسيرة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بجميع مراحلها منذ إعلان تأسيسها عام 1421هـ/ 2000م حتى وقتنا الحالي.
وبراعة الإعجاب العالمي به وبرؤيته (السلطانية ذات الخيال الممكن) في السياحة والتراث جعلت منظمة السياحة العالمية تشرع في مشروعها الجديد له في الترجمة، عبر ترجمة كتابه «الخيال الممكن» إلى عدد من اللغات المعتمدة دوليًّا، والعمل على نشره على نطاق أوسع وأشمل على مستوى العالم. وهذا الشروع ـ في نظري ـ هو عنوان للنجاح الباهر والتجاوز الدائم؛ للاستفادة مما يحويه من تجارب رائدة ومفيدة عن العمل الإداري، خاصة فيما يتعلق بتأسيس وتنظيم البنية السياحية.
وهو مؤلف ماتع، استطعت أن أضعه ضمن ترتيب قراءاتي؛ إذ سارعت في القراءة، ولم تمهلني صفحاته وجُمَله للتوقف، وإن كان يحتاج لوقفة طويلة متأنية، غير أنه يعد من الكتب التي في طياتها كلمات صادقة، وآراء جريئة، وسيرة «وطنية»، «سعودية»، «عربية»، «إسلامية»، «عالمية»، يشتمل على قصص وتجارب إدارية منذ بداية مسار السياحة والتراث الحضاري الوطني حتى الانتهاء من تطوير القطاع، وتأسيس بنيته النظامية والتشريعية، وإطلاق المشروعات والمبادرات والقرارات المتعلقة به.
وهو مؤلف ينتظر من جميع السعوديين اقتناءه، والفخر بمساراته، ولاسيما ونحن الآن نعيش فرحة منجز الملك المؤسس الموحد عبدالعزيز - طيب الله ثراه -، وتعد السياحة والتراث الوطني أحد مكتسبات ذلك المنجز.
إن تكريم منظمة السياحة العالمية لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مفخرة لنا نحن السعوديين، ونسعى نحو رفع راية هذا الوطن، كل واحد حسب حقله الذي عمل فيه، وبإذن الله تعالى تتحقق الإنجازات تلو الإنجازات، ليس لأجل أشخاص فائزين فقط، وإنما لأجل هوية الوطن، وما يمثله الوطن.
وأسأل الله العلي القدير التوفيق والرشاد والسداد لمن يعمل في خدمة الوطن والأمة، وأن يجعل إنجازات هذا الوطن متلاحقة ومتعاقبة، وأن يحفظ هذا الوطن، ويديم عليه أمنه واستقراره وأمانه، إنه سميع مجيب.