سلمان بن محمد العُمري
النفس أمَّارة بالسوء، ولكل منا نفسه؛ وبالتالي فعنده ما يمكن أن يأمره بالسوء إلا ما حفظ ربي. وهذه حقيقة علينا أن نواجهها في سرنا وجهرنا. والنفس الأمَّارة بالسوء تجد أساليب وطرقًا عديدة للتمكن من صاحبها، والوصول به لزلات القدم التي لا تُحمد عقباها.
إن اتباع الهوى هو من تلك الحالات التي توصل بها النفس صاحبها لضلالات تبعده عن طريق الصواب؛ فالهوى طريق ضال منحرف بعيد عن الصراط المستقيم، وبعيد عن خط الحق والصدق والسلامة.. إنه طريق محفوف بالأخطار والمخاطر، وهي التي تؤدي بصاحبها لطريق بعيد عن العدل والمنطق والسلوك السليم؛ فالنتيجة تكون ظلمًا للنفس وللآخرين، وجورًا على حقوق الناس، وكذبًا في التعاملات، وخداعًا في الأخلاق، ونفاقًا في الحياة.. وكلها وغيرها كثير توصل صاحبها لمهالك هو بغنى عنها.
إن اتباع الهوى يأتي بحالات وأحوال عديدة، منها التعاملات الأسرية، والاجتماعية، والثقافية، والدينية، والسياسية، والعسكرية.. وغير ذلك كثير.
وتكون الخطورة بقدر حجم المسؤولية التي يتحملها الشخص أو العمل المنوط به؛ فكلما كبرت المسؤولية، وكان العمل على قدر من الأهمية، كان الخطر أكبر في حال زلت قدم صاحبها عن الصواب، وانزلقت في طريق الضلالة والهوى. ومن هنا نذكر أن جهاد النفس هو من أكبر أنواع الجهاد، والنصر فيه لا يأتي بالسهولة؛ فهو حرب مستمرة دائمة، لا سبيل للتراجع فيها؛ لأن هذا يعني ضياعًا، والانتصار فيه يكون بعون الله تعالى وفضله، وبتمكينه للإيمان من قلوبنا ونفوسنا.
إن الأمر يرتبط بشكل حميمي بالحالة الإيمانية الساطعة النيرة للإنسان، والبعيدة عن الأمراض النفسية والشك وسوء الظن.. وهذا ينعكس بشكل واضح وجلي على التعامل الإنساني والسلوك الحضاري؛ فالإنسان الذي أنعم الله عليه بضبط نفسه وردعها عن سلوكيات الدونية هو إنسان كبير بمعنى الكلمة، وهو السعيد في الدارين بإذن الله، وهو الذي أصبحت نفسه عونًا له لا عليه.