رافدة الحريرى
يعود تقييم الأداء إلى التقويم النظامي لأداء الموظفين في المنظمات المختلفة, وهذه العملية تجرى من أجل فهم قدرات الموظفين ومدى استعدادهم للتطور المهني مستقبلا وللتعرف على نقاط قوتهم لتعزيزها ونقاط ضعفهم لتذليلها. ويؤثر نظام تقييم الأداء على الموظف والمنظمة التي يعمل فيها بواسطة القرارات الدقيقة والمتعلقة بتحسين الأداء والتعويض والترقية والحوافز والتدريب والتطوير والنقل وإنهاء الخدمة.وكان تقييم أداء الموظفين سابقا يقوم به شخص واحد هو الرئيس المباشر للموظف وهذا يعني أن الذاتية قد تدخل في عملية تقييم الأداء. ويفترض أن يتم التقييم بناء على معايير واضحة ودقيقة ومقارنة الأداء الفعلي بالمعايير واتخاذ التدابير اللازمة لتحسين وتطوير الأداء.
ونظرا للتطورات والتغيرات المتلاحقة في كل مجالات الحياة فقد أصبحت عملية تقييم الأداء قائمة على جمع العديد من الآراء بدلا من حصرها في شخص واحد إذ ظهرت فكرة تقييم الأداء 360 درجة, وهذه الفكرة مفادها قيام مجموعة من الأفراد المعنيين بتقييم أداء الموظف حرصا على توخي الموضوعية في التقييم, فالموظف يقيم من قبل رئيسه ومرؤوسه وزملائه ومراجعيه أو زبائنه أو أي من أصحاب المصالح بالإضافة إلى تقييم الموظف لذاته.وهذا بالطبع يساعد الموظف في الحصول على التغذية الراجعة من أكثر من مصدر.من هذا المنطلق نجد أن هناك الكثير من المواقف التي تدفعنا إلى تقييم الأداء باعتبارنا مراجعين نطمع في جودة الخدمات التي تقدم لنا من قبل الآخرين والتي يفترض أن تتميز بالجودة العالية.كنت ملازمة لصديقة لي أتابع أحداث مأساتها عن كثب فقد كتب الله لها أن تعاني من متابعة دائمة لولدها الشاب المضطرب نفسيا والذي اختفى من البيت قرابة عام فكتب والده لكل الجهات المعنية طالبا المساعدة في العثور عليه ولكن دون جدوى. بعد فترة علم والداه عن طريق الأنتربول من أنه في دبي .في الرابع والعشرين من يولية تموز المنصرم اتصل بوالد المفقود الأستاذ سعود السديري رئيس مكتب شؤون الرعايا في القنصلية السعودية في دبي ليعلمه بأن ولده راجع القنصلية وتم احتجازه لتسليمه إلى ذويه وبالفعل تم استلامه من قبل والدته التي أخبرها الأستاذ سعود بأنه على أتم استعداد لعمل أي شيء يخدم القضية كترحيله إلى المملكة ولكن لسوء الحظ حالما تركت القنصلية بصحبة ولدها فر عنها ولدها وتركها تتخبط في حسرتها وحيرتها. حيث مضى إلى حيث لا تعلم. هذا الرجل الشهم المخلص في عمله والحريص على تقديم الخدمات للرعايا الأستاذ سعود السديري يمثل بالفعل حكومة خادم الحرمين الشريفين التي تحرص على راحة المواطن وإسعاده فعمله بلور إنسانيته وأكد مقولة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
لم يتوقف هذا المسؤول الحكيم عن مد يد المساعدة والرحمة لهذين الوالدين البائسين بل استمر بالبحث والمتابعة بمعاونة شرطة دبي الكرام ففي يوم 24 أغسطس آب أتصل الأستاذ سعود بوالد الشاب ليعلمه بأنه تم العثور عليه وأدخل مستشفى الأمراض النفسية بدبي بتنسيق من القنصلية السعودية وشرطة دبي.
أي مسؤول هذا وأي تقرير لتقييم الأداء يليق بمقامه؟أنه يمثل النزاهة والجودة الشاملة في العمل ويمثل الإنسانية بمفهومها الرائع. لو طلب مني تقييم أداء هذا الرجل صاحب المواقف المنتجة لقلت أنه يستحق التكريم الذي يليق به كسعودي ملم بعلم الإنسان وعلم التربية الوالدية وعلم الأخلاق وعلم النفس والعلاقات الإنسانية والأهم من ذلك كله ملم بأخلاقيات المهنة.
تحية تقدير وإجلال لهذا الرجل المعطاء ولكل عامل شريف يسعى لرفعة سمعة المملكة التي وضعت خدمة المواطن في بداية سلم أولوياتها. {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}.