رقية سليمان الهويريني
أتابع بشغف مراحل تنفيذ برنامج التحول الوطني الذي يصب في الرؤية الوطنية 2030، وأتطلّع بتوق لتنفيذها بحسب ما رُسم وخطط لها. إلا أنني ألمس بضعَ معوقاتٍ؛ وأرجو أن تكون تحديات يستعرض فيها أبناء الوطن مهاراتهم بمساعدة حكومتهم وفّقها الله.
وأشد تحدٍّ تواجهه الحكومة والمجتمع هو الشفافية، وأقصد بها ارتباط القول بالفعل من لدن المتنفّذين ومن أَوْكَلت لهم القيادة إدارة العمل المناط بهم.
وفي الدول المتقدمة ترى من السهولة توجيه اتهام للمسؤولين بما فيهم الكبار، بالرشوة أو الفساد أو الاختلاس، وتتم محاكمتهم على مرأى ومسمع الناس! وأجزم أننا سنصل لهذه المرحلة؛ حيث أكد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بقوله: (لن يكون أحد بمنأى عن المساءلة)، وهذا القول يمثل منتهى أشكال الشفافية. ولعلنا سمعنا عن متنفذين أحيلوا للرقابة والتحقيق والنيابة العامة. فالرقابة أمانة وضعها الشعب في عنق الحاكم ومنها يستمد الثقة والولاء.
والحق أنه خلال السنتين الماضيتين لمس المواطن إقالة وعزل متنفذين أعاقوا برامج التنمية، أو أخلّوا بالميثاق أو أهملوا في مسؤولياتهم المطلوبة، كما أصبحنا نشاهد أمامنا مراحل موازنة الدولة (الريعية) بكل وضوح، فالشفافية قبل أن تكون وصفاً، فهي مبدأ تنموي استثماري واقتصادي تتطلب الإعلان والإعلام والإفصاح - بمصداقية عالية - عن الأنشطة والبرامج التي تنفذها الوزارات والهيئات وحتى القطاع الخاص.
ولئن كانت الشفافية واحدة من مبادئ الحوكمة؛ فلأنها سلاح نافذ لمحاربة إساءة استخدام السلطة، ومقاومة أشكال الفساد من اختلاس ورشوة ومحسوبية. وغياب الشفافية يفتح باب شر الفساد ويوهن قوة النفوس الشريفة.
وبرغم أنّ الشفافية مبدأ، فقد تحولت لثقافة عالمية إصلاحية، لذا ينبغي على الحكومات، تفعيل كافة القوانين والقرارات الداعمة لها وتعويد المجتمع على نهج الشفافية بنشر المبادئ والقيم الداعية للإصلاح، من خلال التدريب على الكشف عن مَواطِن الفساد وتشخيصها ودراستها والبحث عن أسبابها وإيجاد حلول ووسائل لعلاجها وتلافيها ومحاربتها، وهذا كفيل بتحسين صورة الأوطان محلياً ودولياً وتحقيق أهداف الشفافية والوصول لأعلى درجاتها، بعد أن تحول الفساد في بعض الدول إلى غول يلتهم جهود التنمية المحلية ويشكل تحدياً للحكومات!