«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني:
أكد المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي بأن المملكة لها مواقف مشرفة في دعم العمل الإنساني والخيري على مستوى العالم.. وأنها دولة مؤثرة ولها إسهامات إيجابية في دعم المنظمات العالمية في كل عمل يخدم البشرية.
وأضاف خلال حديث خاص لـ(الجزيرة) والشرق الأوسط بأن ما قامت به المملكة تجاه الشعب السوري واليمني هي مواقف لا مثيل لها، حيث وفرت للمقيمين على أراضيها سبل العيش ووفرت فرص العمل، مبيناً بأن هناك مؤتمراً دولياً سوف يعقد آخر الشهر الحالي في المملكة عن اليمن، وسيتم توقيع عدد من الاتفاقيات مع عدة جهات حكومية وأهلية.
وبيّن المفوض السامي بأن ما تقدمه المملكة لليمن لا مثيل له من خلال التقارير التي حصلت عليها، حيث ضربت أروع المثل في الإعانات التي ترسل عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، وهذه الإغاثة شملت المحافظات اليمنية سواء التي تحت سيطرة الشرعية أو الانقلابيين.. مشيراً إلى أنه سيكون هناك قريباً زيارة لليمن وعدن للوقوف على احتياجيات اليمنيين النازحين في الداخل.
نص الحوار
* كيف ترون دور المملكة في دعم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في العالم؟
- نحن نثمّن ونقدّر الدور الحيوي والهام الذي تقوم به المملكة العربية السعودية تجاه القضايا الإنسانية في العالم ومنها قضايا اللاجئين.. حيث إن المملكة تستجيب للمطالب الدولية بالسرعة المطلوبة عند حدوث أي أزمات ونحتاج إلى دعمها.. وما وجودي في المملكة في هذه الأيام إلا لتعزيز هذه العلاقات وتقويتها مع هذا البلد الذي نعتز بمواقفه في جميع المحافل الدولية.
وأضاف بأن هذه الزيارة مكنتنا من زيارة مركز الملك سلمان للإغاثة.. وصندوق الملك عبدالله الخيري وعقدنا عدة اجتماعات مع عدد من المسؤولين في المملكة ووجدنا مواقف المملكة ثابتة تجاه الأعمال الخيرية والإنسانية والإغاثية، وقد تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات في مجال الإغاثة.
* في الوقت الذي تخلت فيه دول العالم عن الهاربين من الصراعات التي تحدث في بلدانهم.. إلا أن المملكة وقفت موقفا مشرفا مع اللاجئين السوريين والمغتربين اليمنيين، حيث وفرت لهم سبل العيش.. كيف ترون مثل هذه المواقف؟
- لا شك بأن ما فعلته المملكة تجاه الأزمتين السورية واليمنية واحتضان أبناء هاتين الدولتين على أراضيها وتقديم العون لهم بكل إخلاص يدل على حرص المملكة على الوقوف مع المستضعفين والهاربين من جحيم الحروب والصراعات، ونحن مثلما قلت سابقاً نقدّر هذا الدور الذي ليس بغريب على المملكة.. ولا شك بأن حل الأزمات في العالم هو حل سياسي، والمملكة تلعب دوراً مهماً في إنهاء هذه الأزمات التي تحدث في العالم العربي.. وبدون شك نحن تابعنا هذه المواقف وتعرفنا على ما تقوم به المملكة من تقديم المساعدات والتسهيلات للسوريين واليمنيين المقيمين على أرض المملكة.. وهذا مدار حديثنا خلال هذه الزيارة التي قمنا بها إلى المملكة وشركائنا في المملكة..
* كم تقدّر حجم المساعدات التي تلقتها المفوضية من المملكة.. وكم يمثل نسبته مقارنة بالدول الداعمة؟
- من الصعب إعطاء رقم محدد عن حجم المساعدات التي تقدمها المملكة للمفوضية لأننا نتعامل مع عدة جهات، فنحن نتعامل مع وزارة الخارجية ومركز الملك سلمان للإغاثة وبعض الجهات، وهذا كان حديثي مع وزير الخارجية ومع سمو الأمير تركي بن عبدالله ومع سمو الأمير الوليد بن طلال ومع مركز الملك سلمان.. هناك عدة مشاريع تم الاتفاق عليها ووقعنا اتفاقيات مع عدة جهات في المملكة.. مشيراً إلى أنه خلال هذا الشهر شهر أكتوبر سوف نتوصل إلى صيغة نهائية ونوقع هذه الاتفاقيات.
وبيّن المفوض السامي لشؤون اللاجئين بأن هناك مؤتمرا سوف ينعقد في المملكة يوم 29 أكتوبر الحالي وهو مؤتمر دولي حول الأوضاع في اليمن، وسيتم توقيع هذه الاتفاقيات بين عدة جهات حكومية وأهلية في المملكة في مجالات العمل الإنساني.. وأقول المملكة رائدة في كل عمل خيري يخدم البشرية في العالم.
* هناك من يحاول أن يزايد على سمعة المملكة في اليمن حول اختلاق بعض الأمور نريد بحكم أن المفوضية جهة حيادية.. كيف ترون العمل الإغاثي الذي تقدمه المملكة عبر مركز الملك سلمان؟
- أعتقد أنكم تقصدون التقرير الذي صدر عن الأمم المتحدة وقد سمعت ذلك خلال زيارتي للمملكة وأريد أن أقول إن هناك إجراءات وضعتها المملكة لسلامة المدنيين والأطفال ونحن نقول إن أي حروب تحصل من الطبيعي أن يكون فيها أخطاء وإصابات وضحايا لهذه الحروب.. ولكن أعتقد بأن المملكة وحسب ما سمعت سوف تقدم إجراءات تثبت أنها لا تتعمد مثل هذه الحوادث.. ولا تستهدف المدنيين بشكل مباشر.. وكما قلت نحن نثق بأن المملكة لا يمكن لها أن تتعمد مثل هذه الإصابات ومثل هذه الحروب.. تحصل فيها أخطاء غير مقصودة..
* كم عدد اللاجئين في العالم.. وما هي التحديات التي تواجهكم خاصة أن أعداد اللاجئين في زيادة؟
- في عام 2016 كان هناك تقرير يوضح عدد اللاجئين في العالم، حيث يوجد لدينا ما يقارب من 66 مليونا ما بين لاجئ ونازح وطالب لجوء حول العالم، وفي تقديري بأن 2017 قد زاد عدد اللاجئين حول العالم 2 مليون، وهذا يعود لأزمات مختلفة حول العالم، من أبرزها جنوب السودان ما بين نازح داخل السودان ومنيمار، حيث يوجد حوالي نصف مليون لاجئ قد لجأوا إلى بنغلاديش. نحن نؤمن أن تكون المعالجة بعلاج جذور الأسباب التي أدت إلى نزوح وتهجير هذه الأعداد من البشر وخروج هؤلاء الأشخاص إلى خارج بلدانهم، ويجب أن نوفر لهم المسكن والشرب والأكل والخدمات الصحية والتعليمية..وهذا غالباً يحدث في دول فقيرة.. وأنا عندما أتحدث عن 66 مليونا من اللاجئين والنازحين فإنني أتحدث أن ثلثي هذا العدد من النازحين هم داخل بلدانهم ولم يخرجوا إلى بلدان أخرى، ومن هذه الأعداد هناك ما بين 7 إلى 6 ملايين نازح داخل سوريا وهناك في اليمن مليونان داخل اليمن.. وهذه الأعداد في حاجة إلى أن نقف معهم ونساعدهم للبقاء داخل بلدانهم، ونحن في حاجة إلى دول مؤثرة مثل المملكة العربية السعودية لكي تساعد هؤلاء ليبقوا داخل بلدانهم مناشداً الحوثيين وجماعة علي صالح ألا يعطلوا عملنا داخل اليمن، وأن يتركونا نتحرك بكل حرية إلى جميع الأماكن حتى نمد يد العون والمساعدات لهؤلاء النازحين.
* فيما يتعلق بالعمل داخل اليمن.. كان هناك ملاحظات على مكاتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بأنها لا تنزل إلى الميدان وتكتفي بالعمل من داخل المكاتب.. كيف تردون على ذلك؟
- أنا أرفض هذه الاتهامات تماماً.. وهذا التقرير الذي تشيرون له.. لدينا مجموعة من الفرق في صنعاء وعدن وهم يعملون في الميدان نحن منظمة دولية محايدة تساعد النازحين واللاجئين، وعملنا يتطلب الوقوف على احتياجات هؤلاء الناس في أماكن إقامتهم، والموظفون يخاطرون بأنفسهم من أجل الوصول إلى الناس ونحن نطالب أطراف النزاع بعدم إعاقة عملنا الميداني من أجل الوصول لهؤلاء الأشخاص، وأنا شخصياً سوف أزور اليمن في الأشهر القليلة القادمة، وسوف أتابع عمل الفرق على أرض الواقع..
* ما هو موقف المنظمة من الدول التي تشرد رعاياها عبر البحار.. وهم يواجهون مخاطر التشريد والموت من هؤلاء الذين يقومون بتهريب الناس إلى دول أخرى؟
- هؤلاء الذين يتاجرون بأرواح البشر وينقلونهم عبر البحار هم أشخاص مجرمون.. أما موقفنا من الحكومات فهناك الأمم المتحدة هي من يحاسب هؤلاء.. منظمتنا إنسانية تعمل من أجل هؤلاء النازحين والمشردين، وعلى المجتمع الدولي أن يعالج الأسباب ويعالج هذه الأحداث التي تحصل في الدول وخروج هذه الأعداد.. من جراء هذه الصراعات وسيكون هؤلاء النازحون بيد هؤلاء المهربين.
* ولكن كيف يمكن محاسبة المسؤولين في هذه الدول التي تهجر رعاياها؟
- على الدول الفاعلة والقوية اتخاذ إجراءات عقابية رادعة ضد القيادات والدول التي تسبب هذه الحروب وتقوم بتهجير رعاياها بهذا الشكل.. الأمم المتحدة تحاول أن تتدخل في بعض القضايا وتجمع الأطراف لحل الأزمة بينهم والضغط على الحكومة لمعالجة قضايا الأقليات وإعطاء هذه الأقليات حقوقها خاصة ما يحدث في (مانيمار) نحن دورنا إنساني ونعمل على توفير المساعدات الغذائية والعلاجية والسكنية لهؤلاء الضحايا.. والأمم المتحدة من الناحية السياسية تعمل على الضغط على المسؤولين في هذه الدول أو تلك !! لحل مثل هذه الأزمات ووإيجاد حل لها.
* هناك مخيمات للاجئين في الدول العربية يشتكون من قلة الدعم والخدمات وعدم السماح لهم بالتحرك داخل المدن.. كيف تنظرون إلى مثل هذه المعاناة؟
- نحن بحاجة لمنظمات جديدة للدخول معنا في مجال العمل الإنساني.. مثل صندوق التنمية الإسلامي والمؤسسات الخيرية ومد يد العون لنا في مجال التعليم والرعاية الصحية وتقديم الإعانة الكافية للأسرة ونحن متفائلون من خلال تطوير خدماتنا بالشكل الذي يحقق طموحات اللاجئين والنازحين ويجب أن نعطي الفرص للاجئين الموجودين في الدول للتحرك والبحث عن العمل الذي يعود عليهم بالخير والمنفعة.. وهناك بلدان فيها لاجئون بعض البلدان تسمح وبعضها الآخر لا تسمح.
* هل لديكم توجه للاستعانة بشركات أو مؤسسات موثوق بها في الدول التي فيها لاجئون تمدكم بالتقارير وبحاجة اللاجئين إلى المساعدات؟
- جمع المعلومات هي من مهمة الحكومات عن عدد اللاجئين والنازحين وحاجتها، نحن نعتمد على الشركات داخل هذه البلدان في تحليل المعلومات.. والبنك الدولي هو أكبر منظمة دولية، وقد وفرت لنا هذه التقارير وتحليل هذه المعلومات.
الأسبوع القادم سوف نذهب إلى واشنطن لإنشاء مركز معلومات وبيانات وتحليل يخص اللاجئين والنازحين.. وهذا يعطينا نتائج جيدة تخدم اللاجئين في فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية والتأهيلية.
* هناك اتهام لبعض المنظمات بأنها تميز في مساعداتها بين المذاهب والأديان.. ما صحة ذلك؟
- نحن نقدم مساعداتنا للضحايا.. الذين هم ضحايا حروب وعنصرية وتمييز.. فكيف نميز بين الأديان.. نحن لا نميز ولا نقر هذا المبدأ.. الإنسان هو الإنسان مهما كان مذهبه والحكومات هي من تتسبب في هذا التمييز، ونحن نسعى إليه لإنقاذه، من هنا مبدأ التمييز مرفوض في عملنا إطلاقاً.. وخير دليل على ذلك هو مسارعتنا إلى تقديم العون لضحايا (مانيمار).