فهد بن جليد
هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات اتخذت الخطوة الصحيحة عندما فتحت الباب أمام الآباء لتقديم اقتراحاتهم ومرئياتهم حول التحكم الأبوي لحماية الأطفال من أضرار الإنترنت. فرغم أن المسألة فنية بحتة إلا أن سماع تجارب الآباء في الحماية، فيما يشبه الحوار والنقاش المجتمعي حول الخدمة قبل إطلاقها، أمرٌ في غاية الاحترافية والمهنية، ولربما شفع للهيئة تأخُّرها في اتخاذ الخطوة، التي طالبنا بها كثيرًا، مع تقاعس وتكاسل المواقع والبرامج الإنترنتية العالمية، وتجاهل حماية الطفل العربي نتيجة غياب برامج وقوانين عربية وخليجية ملزمة بضرورة التحكم والسيطرة للحد من المخاطر التي يتعرض لها الأطفال على الإنترنت؛ فالحل - كما ذكرت هنا أكثر من مرة - يجب أن يأتي من الداخل ومحليًّا، نحن نملك القدرة التقنية والفنية اللازمة لذلك، وقد بدأنا بالفعل أولى الخطوات في الطريق الصحيح.
الاتحاد الدولي للاتصالات أطلق في جنيف منذ وقت مبكر لجنة حماية الأطفال على الإنترنت التي تعرف بـCOP، ولكنها لم تستطع تغيير المشهد في عالمنا العربي بسبب معوقات كثيرة، تواجه استراتيجيتها، وتتعلق بمحاورها الخمسة، كغياب القوانين والإجراءات القانونية عند انتهاك خصوصية الأطفال على الإنترنت، فضلاً عن تحديثها، وضعف البنية التحتية لإضافة برامج حماية وتحكم جديدة خاصة بالأطفال على الشبكة العنكبوتية، مع نقص الكوادر البشرية المؤهلة أصلاً لتحديد المقبول والمرفوض أخلاقيًّا ودينيًّا مع اختلاف الثقافات وعجز التواصل بين المؤسسات والدول لوضع أجندة عالمية عامة متفق عليها. ولعل ترؤس الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لهذه اللجنة يساهم كثيرًا في تعجيل الخطوات خليجيًّا خلال المدة المقبلة.
نحن لا ننتظر قوانين أو أنظمة أو برامج جامدة وتقليدية، يكون حضورها أشبه بتحليل القسم في هذا الباب، قدر حاجتنا إلى أنظمة ديناميكية فاعلة، ذات أُطر محددة وواضحة، سهلة التطبيق والتحكم، ومرنة للوالدين والمؤسسات التعليمية والتربوية وللطفل نفسه، وتملك القدرة على التطور المستمر مع ثورة التواصل الاجتماعي التقنية والتكنولوجية، والتفاعل معها.
على الآباء المشاركة بفاعلية لوضع أُطر عامة لبرنامج التحكم الأبوي لحماية الأطفال من أضرار الإنترنت محليًّا، وهي حق طبيعي لهم، وواجب تربوي وأخلاقي ووطني في المقام الأول. وأمامنا تجربة ناجحة تعرف بـ(المبادرة الـ29 في ولاية كولورادو الأمريكية) التي قدمها الآباء المناهضون لمنح الصغار دون سن الـ13 هواتف ذكية، بفرض غرامة 20 ألف دولار لمن يمنح طفله هاتفًا ذكيًّا موصولاً بالإنترنت دون هذه السن، التي تحولت عند المشرع التقني إلى قانون ملزم باتفاق الآباء والأمهات الذين عانوا من ضرر الإنترنت على أطفالهم، عندما يغلقون على أنفسهم الأبواب، ويتحولون من أطفال نشيطين متفاعلين إلى جامدين وسلبيين نتيجة إدمان الإنترنت دون تحكم أبوي.
وعلى دروب الخير نلتقي.