إبراهيم عبدالله العمار
أشهر أنشودة في العالم. وهي أقدم مما تتوقع، فقد نُشرت كلماتها أول مرة في 1893م، وكان مقصدها ليس الاحتفال بعيد الميلاد، بل نشيد صباحي يحيّي التلاميذ الصغار، لكنه سُرق فنيًا فصار عن عيد الميلاد، وانتشرت الأنشودة انتشارًا واسعًا، حينها طفح كيل المؤلفة التي رأت أغنيتها تُسرَق بلا اكتراث ولا عائد لها، في عام 1934م رفعت القضية للمحكمة التي قضت لصالحها، فتوقفت الشركات والقنوات عن استخدامها اتّقاء دفع مبلغ للمؤلفة.
أما عيد الميلاد نفسه فهو أقدم، وأول ذِكر مسجل للاحتفال به هو عام 3000 قبل الميلاد لأوائل الفراعنة، وذلك عندما وحّد الفرعون «مينا» الممالك، وأقام حفلاً هائلاً شارك فيه الشعب، حتى السجناء أطلقوا ليحتفلوا به! استعار اليونانيون الفكرة من المصريين، وأخذوا من الفرس (الذين عُرِفوا بصناعة الحلوى) فكرة تخصيص الحفل بكعكة حلوة، وأتت الشموع كرمز أرتمس إلهة القمر، وضوء الشمعة رمز لنورها. لما أتى الرومان خلّدوا مولد السياسيين كأعياد وطنية، لكن أتت النصرانية وقضت على تلك الاحتفالات!
لماذا؟ لأن النصارى بعد اضطهادهم على يد اليهود والوثنيين (وعلى رأسهم الإمبراطورية الرومانية) رأوا أن العالم مكان ظالم قاسٍ، لا مكان فيه لاحتفالات كهذه، وقوّى هذه النظرة اعتناقهم عقيدة الخطيئة الأصلية، أي أن كل مولود له نصيب من خطيئة آدم، وحتى فيما بعد لما أخذ النصارى يحْـيُون ذكرى ميلاد القديس فلان أو علان كان المقصود يوم وفاته أو مقتله وليس ولادته، لأن يوم وفاته هو الذي يولد فيه فعليًا وذلك بانتقاله للآخرة كما يرون.
أيضًا من الأسباب أن طقوس عيد الميلاد استعيرت من أقوام مشركين ولم يرغبوا تلويث دينهم بذلك، بل حتى عام 245م لما حاول بعض المؤرخين النصارى تحديد يوم ميلاد عيسى عارضت الكنيسة ذلك، واحتجّت أن عيسى لا يحدَّد يوم ميلاده وكأنه أحد فراعنة مصر الوثنيين!
كعكة عيد الميلاد - كما تقدَّم - ازدهرت في اليونان لكن زالت، وعادت في ألمانيا في القرون الوسطى لما أخذ الفلاحون يحتفلون بعيد ميلاد الأطفال، وهو نفس التقليد الذي منه نبع التقليد المعروف في الغرب بأن ينفخ الطفل الشمعة ويتمنى أمنية.
الآن إذا سمعت تلك الأنشودة ستعرف تاريخها العريق!