يوسف المحيميد
ما كان يحدث منذ عشرات السنين تغير بشكل واضح خلال هذا العام الحاسم 2017، فملاحقة المرأة والشك في سلوكها، ومحاصرة تحركاتها، وعد أنفاسها، كلها انتهت، فلم يعد لائقًا تتبع الطالبة منذ هبوطها من حافلة نقل، أو سيارة خاصة، لحين خروجها مرة أخرى من الجامعة، ولا يُعقل تفتيش الطالبات عند دخولهن وخروجهن، ومراقبة مكالماتهن الصادرة والواردة، وكذلك رسائل جوالاتهن، فذلك يفقدها الثقة في نفسها وسلوكها، وكذلك هذه الأفعال تجاهها لا تحدث في بيتها ومع أسرتها، مع أن الأسرة هي الأشد حرصًا على بناتها من المؤسسات والقطاعات المختلفة، لكنّ كثيرًا من الأسر تدرك أن التربية وحدها تمثل الحائط الأول والأخير للمحافظة على أبنائها وبناتها، بما تغرس فيهم من سلوك جيد، وأخلاق كريمة، ومن لم يعزز في داخله هذا السلوك، وهذه الأخلاق، لن تجدي معه تصرفات المراقبة المستمرة، ورصد حركاته وسكناته.
لقد أخذت الدولة على عاتقها السير أمامًا في حفظ حقوق المرأة وكرامتها، ولن تجدي معه تلك المحاولات البائسة، والاجتهادات الفردية، المتمردة على القرارات الرسمية، في الجامعات وغيرها، في مراقبة الطالبات، وإحاطة سلوكهن بالشك المستمر، أو التضييق على عائلاتهن، وفرض وصاية عليهن في ملابسهن وأشكالهن، لقد انتهى كل ذلك، انتهت كل تلك الأوهام والوساوس، ونحن الآن في عصر جديد من الثقة يؤمن بحرية الإِنسان، ويثق بسلوكه ما لم يصدر عنه خلاف ذلك، أو يعتدي على حريات الآخرين وحقوقهم.
نحن بحاجة إلى إعادة الثقة بالإنسان عمومًا، وبالمرأة خصوصًا، في سلوكها وتصرفاتها وحريتها الشخصية، كإنسان ناضج وعاقل ومدرك لتصرفاته، كي تصبح كما ترغب هي، وكما تسعى إليه الدولة، عضوًا فاعلاً ومؤثرًا في المجتمع، وفي التنمية الجديدة، في عصر تقوم فيه الدولة بإعادة هيكلة الاقتصاد، وتنويع الدخل، وضخ فرص عمل متنوعة، عصر جديد يحتاج إلى كوادر وطنية مخلصة، سيكون لبنات الوطن النصيب الأكبر فيها، فكيف يصبحن ذراعًا جديدًا وفاعلاً للوطن ونحن لا نمنحهن الثقة والدعم؟