سعد بن عبدالقادر القويعي
تحقيق آمال وطموحات الشعب الفلسطيني الشقيق في إنهاء الانقسام، وتحقيق الوحدة الفلسطينية؛ ليسهم في تمكين الأشقاء الفلسطينيين من نيل حقوقهم المشروعة ؛ وفقًا لما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، هو أهم ما ورد في بيان المصدر المسؤول بوزارة الخارجية عن ترحيب المملكة العربية السعودية بتوقيع اتفاق المصالحة بين حركتي - فتح وحماس -، والذي يأتي استمرارا للدعم السعودي - الرسمي والشعبي والمادي والمعنوي والسياسي - للقضية الفلسطينية من دون انقطاع، وعلى حقب مراحلها - سياسياً وإعلامياً واقتصادياً -، رغم كل الظروف الصعبة، والضغوط السياسية ؛ حتى أصبحت القضية في مقدمة الأوليات السعودية.
إعلان حماس عن حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، ودعوة حكومة الوفاق إلى القدوم إلى قطاع غزة ؛ لممارسة مهامها، والقيام بواجباتها - فورا -، والموافقة على إجراء الانتخابات العامة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تعتبر قواسم مشتركة، وبرنامجاً وطنياً ثابتاً واضح المعالم، وسيصبح العمل على إنجازه هدفاً وطنياً؛ لإنجاز المصالحة، والتوصل إلى اتفاق ميداني ينهي حالة التمزق والتشتت الفلسطيني، واتخاذ المصالح العليا للشعب الفلسطيني أساساً لكل عمل، ومقياساً لكل تأييد.
منذ انقلاب حماس، وعدم الالتزام بالاتفاق الشامل الذي رعته المملكة العربية السعودية، بما سمي بـ»اتفاق مكة»، وحثت فيه على إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني إلى غير رجعة، وحددت كافة المبادئ، والأسس اللازمة لتنفيذ متطلبات ذلك، وتوافقت على حلول للقضايا التي مثلت جوهر الخلاف، والانقسام ؛ لكنه - مع كل أسف - لم يصمد أكثر من ثلاثة شهور ؛ حتى عاد الوضع إلى فلتان أمني خطير ؛ الأمر الذي أدى إلى مزيد من الخلاف، والانقسام الجغرافي للسلطة بين الضفة، وغزة ؛ ولينصب الاهتمام بعد ذلك على إرجاع الوحدة، بدلاً من التركيز على القضية الفلسطينية، - هذا من جهة -، - ومن جهة أخرى - الوقوف سدا منيعا في ظل استمرار توجهات العدو الإسرائيلي؛ للمضي قدماً في استراتيجية ترسيم حدود إسرائيل على حساب الديموغرافيا، والجغرافيا في الأراضي الفلسطينية.
بعيداً عن الهيمنة، والإقصاء، والتفرد، فإن المصالحة المجتمعية بين الطرفين، والعودة إلى الصف الوطني، وإنهاء الآثار السلبية على قطاع غزة، وتعزيز مفردات، وقيم التسامح، وتحصين الجبهة الداخلية لمواجهة الاحتلال، له آثار إيجابية على الواقع الفلسطيني، وستضع الوحدة الوطنية مصلحة الشعب الفلسطيني فوق كل اعتبار، وستقدم على كافة المصالح الحزبية، والفصائلية؛ شريطة وجود إرادة سياسية فعلية نحو خوض حوار يفضي إلى وفاق وطني، وتوثيق عرى السلم الاجتماعي.
الأمل كبير في تطبيق الاتفاق بين فتح، وحماس؛ لأن الحل الأفضل يكمن في المصالحة الحقيقية، وإلا سيتحول الوضع الفلسطيني من سيئ إلى أسوأ. وما يجري - اليوم - من حوارات المصالحة من قبل مختلف الأطراف، يؤكد على أن البحث عن استراتيجية إنقاذ وطني، يمكن لها أن تستخرج الوضع الفلسطيني من حالة الأزمة، وحالة الضياع التي تعيشها إلى التفاؤل بإيجابية، مع تقدير استحقاقات المرحلة التي تمر بها ظروف المنطقة، وتحدياتها، وتوفير المناخ الملائم لتنفيذ متطلبات نجاحها.