د. أحمد الفراج
من هو الإخواني البنّائي، ولماذا يعتبر خطراً على أمن المجتمع؟!، وقبل الإجابة يحسن أن أوضح أن معظم من يتغلغل في بعض المواقع الهامة هم هذا الصنف الحربائي، وذلك لخدمة مبادئ وأهداف تنظيم الإخوان، وتكمن خطورة الإخواني البنّائي في أنه يبدو كأي شخص عادي، إذ لا يلتزم بالمظهر الذي يظهر به من يوصفون بالمتدينين، كما أن حديثه وسلوكياته لا توحي بالالتزام الديني، ويتلوّن الحزبي البنائي حسب الظروف، فقد يتقمص دور الوطني، ودور التنويري، ودور الناصح الأمين، رغم أنه في أعماقه إخواني صرف، يخدم أجندات التنظيم، ويأتمر بأمره، ولا يحيد عنها قيد أنمله.
يستغرب معظم من أتحدث معهم عندما أشير إلى أحد ما، وأقول إنه «إخواني بنّائي»، إذ ارتبط في مخيلة الناس أن الالتزام بالمظهر الديني شرط ضرورة للحركي الحزبي، وهذا غير صحيح بالمطلق، فمعظم البنائين لا يبدو من مظهرهم أي أثر للتدين، بل إن بعضهم يفوق الجميع في أناقته وهندامه، وباختصار غير مخلٍّ، فإنّ مظهر البنّائي هو مظهر إنسان عادي، ولكنه متشبع بالفكر الحزبي، والبنّائي يجيد التلوّن، ويبرع في تقمص دور الوطني، ولا يمكن أن يكتشف حقيقته إلا من يعرف حقيقة تنظيمات الإسلام السياسي جيداً، أو من مرّ بتجربة قاسية مع أحدهم، وكان من محاسن وسائل التواصل الاجتماعي دورها الكاشف لهذا الصنف الحزبي، فمن يتابع تغريدات البنّائيين يرى عجباً وتناقضاً لا تخطئه العين الفاحصة، لأن تويتر، على سبيل المثال، هو بث حي، وتعليق مباشر على الهواء، وبالتالي يقع الحزبي البنائي في تناقض لا يمكن إنكاره أو التملص منه، أما قبل عصر وسائل التواصل، فقد كان مكر البنّائيين خفياً، لأنّ من طبيعتهم الصمت والتلوّن، وارتداء لبوس مختلف لكل حالة.
كانت مقاطعة نظام الحمدين في قطر حدثاً مهماً، كشف لكثيرين حقيقة التيار البنّائي، فمع النشاط الوطني للإعلام والكتّاب، الذي صاحب قرار المقاطعة، تصدّر الحزبيون البنّائيون المشهد المعارض لقرار المقاطعة، بل تجاوز بعضهم، ووصف الإعلاميين والكتّاب الوطنيين بالمرتزقة!، وقد تصدى لهم الإعلام، محاولاً كشف حقيقتهم، وأنهم حزبيون متلونون، يتقمصون دور الوطني . هذا، ولكن ما أن يكون تنظيم الإخوان في مأزق، كما حصل بعد مقاطعة قطر، الراعي الرسمي للتنظيم، إلا ويظهرون على حقيقتهم الحزبية، التي تدعم التنظيم ضد الوطن، ولأنهم لا يستطيعون الدفاع عن تنظيم الحمدين بشكل مكشوف، فقد تسلطوا على الإعلام الوطني والكتّاب الوطنيين، في محاولات مكشوفة لوقف فضح حقيقة التنظيم وخطره، ولولا الجهود التي بذلت لكشف حقيقتهم، لربما واصلوا خدمتهم للتنظيم، ولنظام الحمدين، حتى اليوم، والخلاصة هي أننا اليوم، وبعد انحسار تأثير تنظيمات الإسلام السياسي، وعلى رأسها تنظيم الإخوان، في أمسّ الحاجة لتبيان خطورة كل التنظيمات المتفرعة عنه، وأخطرها هو الفرع «البنائي»، فهل نفعل؟!