جاسر عبدالعزيز الجاسر
المطلعون على أوضاع النظام الإيراني يعلمون تماماً بأن كبير ملالي إيران «الولي الفقيه» الذي يحمل لقب «مرشد الثورة الإسلامية» يدير مؤسسة الحكم رغم وجود واجهات للسلطات الثلاث التي تدير شؤون الحكم في الدول، وهي السلطة التنفيذية الممثلة برئيس الجمهورية ومجلس الوزراء والسلطة التشريعية ممثلة بمجلس الشورى، والسلطة القضائية التي تدير القضاء الإيراني، إلا أن مرشد الثورة له أجهزته ومؤسساته التي تفوق صلاحياتها والمهام الموكلة إليها وبكثير مؤسسات الحكم المعلنة، ومن أهم بل العمود الفقري لأجهزة مرشد الثورة الحرس الثوري الإيراني الذي يمارس قادته أدواراً ومهاما تتعدى في أهميتها حتى رئيس الجمهورية، وقبل أيام اجتمع قادة الحرس الثوري برئيس الجمهورية حسن روحاني، وتم إبلاغ «الرئيس» ما يجب عليه القيام به والكف عن تقليل شأن الحرس الثوري في أقواله التي يراد بها تلميع صورة النظام وتقديم صورة فريقه موجهة عموماً للغرب.
والحرس الثوري منصات وواجهات موازية للوزارات والمؤسسات في إيران فعبر التشكيلات والتكوينات العسكرية والأمنية يدير الشأن العسكري والأمني في البلاد وخارجها، فبالإضافة إلى ألوية الحرس الثوري والقوات البرية والبحرية والجوية التي لها خصوصية واستقلالية تامة عن الجيش الإيراني، وأمنياً تشكل تشكيلات الباسيج الدرع الأمني لحماية النظام من أي معارضة داخلية، وهذه التشكيلات تمارس إرهاباً وقمعاً وشراسة في التعامل لمسها الإيرانيون إبان الانتفاضة الخضراء.
أما خارجياً فأنشأ فيلق القدس وهو جناح مختص بالنشاطات الخارجية ولا يختلف اثنان من متابعي التدخلات الإيرانية في الدول العربية المجاورة، والدور غير العادي لهذا الجناح في العراق وسورياً واليمن ولبنان وأفغانستان وحتى في البحرين والكويت ودور هذا الجناح الإرهابي قد يكون مباشراً كما في الحالتين السورية والعراقية أو يكون غير مباشر كما في الحالتين اليمنية، واللبنانية، كما أن قائد هذا الجناح «الجنرال قاسم سليماني» له دور وحضور كبير على مستوى البلدان الأربعة، ولا ننسى بأنه قد أطلق عليه لقب «الحاكم المطلق للعراق وسوريا ولبنان»، وهو بحسب ما تشير أوساط سياسية واستخبارية وإعلامية مطلعة، أنه صاحب القرار الأهم في سوريا والعراق ولبنان، وأن التدخلات الإيرانية التي يكثر الحديث بشأنها، إنما جرت وتجري على يد هذا الجناح وتحت إشراف وتوجيه قائده سليماني، وآخرها إدارته للمعارك التي تشهدها محافظة كركوك في العراق.
دور الجناح الخارجي للحرس الثوري، والمتمثل في تصدير التطرف الديني والإرهاب إلى دول المنطقة والسعي لفرض الحالة الإيرانية وسحبها على دول في المنطقة وخصوصاً تلك التي يتواجد فيها الشيعة، وأن تشكيل أحزاب وميليشيات ومنظمات من جانب فيلق القدس والإشراف على تدريبها وإعدادها عسكرياً وعقائدياً، كما كان يجري في العراق إبان فترة ولايتي نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي السابق، حيث كان يتم إرسال الكثير من الذين تم إعدادهم وتدريبهم إلى سوريا للمقاتلة إلى جانب قوات نظام بشار الأسد.
وهكذا جمع «فيلق القدس»الذراع الإرهابي في خارج إيران للحرس الثوري بين العمل المليشياوي الإرهابي والتكوين الإيدولوجي الطائفي والتوجيه السياسي والدبلوماسي للخارجية الإيرانية لخدمة أجندات الإرهاب المعني بها وتؤكد معلومات، وما نراه من تواجد لعناصره في شعارات إيران في العراق وسوريا ولبنان والكويت واليمن سابقا وتعين سفراء إيران من ضباط الحرس الثوري أن الدبلوماسية الإيرانية وتعاملها مع الدول العربية تطبخ وتدار من قبل الحرس الثوري وقادته وعلى رأسهم جنرال الإرهاب قاسم سليماني.