جاسر عبدالعزيز الجاسر
يكاد تنظيم داعش الإرهابي يلفظ أنفاسه، فبعد تطهير محافظة نينوى وأم الربيعين مدينة الموصل، تم تطهير محافظة الرقة السورية ليتقلص وجود داعش في العراق وسورية، إلا أن مساحة الإرهاب لم تتقلص أو تقل بعد غياب داعش عن مسرح الإرهاب، فقد استبدل إرهاب داعش بإرهاب أذرع إيران الإرهابية؛ إذ سيطرت مليشيات الحشد الشعبي العراقي على المناطق التي أخرج منها داعش في العراق، وفي سوريا تقاسمت المليشيات الطائفية القادمة من لبنان والعراق وأفغانستان مع مليشيا الأكراد المناطق التي كانت بحوزة إرهابيي داعش.
النتائج التي أفضت إليها الحرب على داعش ومعرفة المستفيدين من أفعال هذا التنظيم الإرهابي جعلت المحللين يفتحون الملفات لمعرفة من الذي أنشأ داعش وكيف تم توظيفه لتغيير الخارطة السياسية وفرض نفوذ الجماعات الطائفية؟.
وقد أثبت العديد من المحللين المهتمين بقضايا الإرهاب بأدلة عديدة وجود علاقة وتنسيق بين الحرس الثوري وتنظيم داعش، خصوصاً وأن انطلاقة داعش وبروزه قد كان في عام 2013 عندما كانت الشبهات تحوم حول النظام السوري؛ باعتباره استخدم الأسلحة الكيماوية في ريف دمشق، حيث شهدنا تطورين مهمين في سوريا والعراق على حد سواء، ففي سوريا تم إطلاق سراح المئات من السجناء السنة المتطرفين، كما شهد العراق عملية هروب جماعية كبيرة أيضاً للمئات من السجناء السنة المتطرفين، وقد التقت هذه المجاميع بعلم الحرس الثوري والمخابرات السورية والعراقية وقتئذ مع بعضها لتخلق من داعش تلك القوة التي فرضت نفسها على الساحة السورية، وغيَّرت من مسار الأحداث بزاوية مقدارها 380 درجة، ذلك أن الثورة السورية التي كانت لحد تلك اللحظة تحظى بدعم دولي ملموس، صار حضور ودور داعش وكذلك جماعة النصرة وغيرها، سبباً لعزوف العالم عن دعمه للثورة، وهذا هو الهدف الذي خطط له الحرس الثوري وحققه.
ظهور داعش على الساحة السورية لخبط الأوراق وأعطى المبرر للعديد من المليشيات الطائفية للقدوم لسوريا بحجة حماية «مقدسات الشيعة» في سوريا، كما فتح المجال لروسيا بالتدخل وإرسال قواتها لسورية بحجة مواجهة إرهاب داعش، لينتهي «مزاد الإرهاب» بأن يرسوا على تنظيم إرهابي آخر سواء في سوريا أو في العراق، وكلاهما من أذرع ملالي إيران الإرهابية.