نصرة السنة وأهلها يكون بنشر الأحاديث النبوية وبيان فقهها ودعوة الناس إليها, وإحيائها فيهم, ولقد حفظ الله سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ببلاغ الصحابة الكرام رضي الله عنهم لها وعملهم بها, ومن ثمَّ ببلاغ التابعين وتابعيهم -رحمهم الله ورضي عنهم- ولمَّا كثُر الوضاعون للحديث, الكاذبون على النبي عليه الصلاة والسلام, سخَّر الله لخدمة أحاديثه صلى الله عليه وسلم علماء أمناء محدِّثين, اهتموا بأسانيد الحديث, ومتونها, فلا يُقبل الحديث إلا ممن زكَّاه العلماء وعدَّلوه, ولا يقبلون الحديث من طريق من ذمَّه العلماء وقدحوا فيه, أو ممن لم يعرف حاله لجهالته, مما عُرف بعلم الجرح والتعديل, الذي صُنِّفت فيه المصنفات المعروفة, صيانةً للأحاديث النبوية من أن يدخل إليها كلام غير كلامه صلى الله عليه وسلم.
والاهتمام بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وفقهها وبيان الصحيح والضعيف والموضوع في هذا الزمن أمر بغاية الأهمية؛ لحاجة الناس إلى من يُبصِّرهم بالسنة ويحييها فيهم.
ومن توفيق الله تعالى للمملكة العربية السعودية أن وفق ولاة أمورها إلى العناية بالكتاب والسنة وتحكيم الشريعة المطهرة فيها.
ومن عناية هذه البلاد -حرسها الله- بالقرآن الكريم, مسابقة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الدولية للقرآن الكريم, وتأسيس الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- أكبر مجمع لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية, وتوزيع هذا المجمَّع للمصاحف على المسلمين بالمجان في جميع الدول الإسلامية.
ومن عناية هذه الدولة -حرسها الله- بالسنة النبوية, جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- للسنة النبوية, وكذلك إنشاء مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيَّده الله- للحديث النبوي الشريف بالمدينة المنورة, هذا الصرح المهم الذي تلقى خبره المسلمون بالمباركة, وفرحوا به, ونسأل الله أن كما وفق خادم الحرمين الشريفين لإنشاء هذا المجمَّع أن يوفقه في اختيار أعضائه من خيرة علماء الحديث, برئاسة عضو هيئة كبار العلماء معالي الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ حفظه الله وأمدَّه بعونه.
إنَّ هذا المجمع المبارك سيكون إن شاء الله مجمَّعاً يعمُّ بنفعه عموم المسلمين, وستجني الأمة الإسلامية ثماره اليانعة الطيبة بمشيئة الله, فهنيئا للمسلمين بهذا الصرح الكبير, وهنيئاً لأهل هذه البلاد قادتها وولاة أمرها وعلماءها, والحمدلله أولاً وآخراً على ما أنعم به علينا من نعمه وآلائه التي لا نحصيها عدَّا.
اللهم احفظ بلادنا السعودية وولي أمرها وولي عهده، واحفظ علماءَها وأهلها وزدها قوةً وأمناً وزدها تمسُّكاً بالدين وشكراً.
** **
- عمر بن عبدالله بن مشاري المشاري