«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
منذ العقود الثلاثة الماضية وأكثر بدأت ظاهرة معاشة في بلادنا، وحتى في الدول الخليجية والعربية المجاورة. ظاهرة مؤسفة ألا وهي (الشائعات المغرضة) التي يحاول مروجوها من خلالها نشر الشائعات الكاذبة، التي تفتري على قيادة الوطن ومسؤوليه، بل حتى مواطنيه، بل استطاعت ذلك مع انطلاق تقنية الإنترنت وما فيها من وسائل مختلفة عبر العديد من المواقع الاجتماعية التي تكاثرت في السنوات الأخيرة بصورة عجيبة، وباتت - والحق يقال - متاحة للجميع. وبلادنا - وبفضل من الله - كانت رائدة في فتح المجال الواسع للمواطنين والمقيمين للاستفادة من تقنيات العصر؛ فلم توقف أو تمنع موقعًا إلا ما خالف الدين والعقيدة، أو استمر في بث سمومه الهدامة والمسيئة للوطن والمواطن.. وبدون مجاملة، كانت الدولة - حفظها الله - مرنة جدًّا في تقبُّلها لتقنيات العصر، بل إنها وفرت خدمات الإنترنت بصورة واسعة. لكن - وما أصعب ولكن هنا - بعض الحاقدين والكارهين للوطن في الخارج وحتى في الداخل راحوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي يحرضون وينشرون مختلف الشائعات، التي هي في البداية «شائعة» صغيرة، ولكنها خبيثة مثل الفيروسات متناهية الصغر التي لا تُرى بالعين المجردة.. وسرعان ما تنامت وكبرت وانتشرت بفضل الدعم الذي وجدته من مريدي هؤلاء الخبثاء المندسين في مختلف المواقع وحتى المجتمعات، فأنت تجد بعضهم يتحدثون في مجالسهم واستراحاتهم وبين أفراد أسرهم عن (شائعة ما)، كان هو صاحبها ومؤلفها، فإذا به يقول مثلاً: «ما دريتوا».. وإذا بمضمونها الخبيث ينتشر ويتطاير بين الحاضرين مثل تطاير الهواء الفاسد الذي يحمل ما يحمل من فيروسات خبيثة. وسرعان ما تجد هذه «الشائعة المغرضة» تنمو وتكبر وتنتشر عبر الرسائل النصية أو الواتساب. ونسى أو تناسى أصحاب هذه «الشائعات» أن عين الرقيب في وطننا الحبيب، العين الساهرة التي لا تنام، لهم بالمرصاد، ولديهم القدرة على الوصول بسرعة من خلال تقنيات حديثة جدًّا إلى مصدر أو منبع هذه «الشائعة». والمثير للدهشة أن بعض مَن يصنع الشائعة يحاول أن يجعلها أكثر مصداقية عبر استخدام أوراق رسمية من خلال سرقة هذه الأوراق أو عبر تصويرها، ثم كتابة خبر أو معلومة أو قرار ما؛ لينشر من خلالها معلومات مفبركة أو أرقامًا غير حقيقية أو قرارًا فيه ما فيه من المعلومات التي تمس الوطن وحياة مواطنيه. فإذا ما أُضيفت إلى ذلك بعض التوابل والأرقام، وحتى الإحصاءات، جعلذه الشائعة تتسم بالصدق، وأنها حقيقية ومبنية على المعلومات والإحصاءات. والغريب أن هناك من أحسن الوطن الظن فيه، وبات من المشاهير في عالم (الإعلام الجديد)، وإذا به يكشف عن حقيقته وزيفه، وأنه ما هو إلا «بوق» لأعداء الوطن. وأمثال هذا كُثر في بلادنا وغير بلادنا. والمحزن أنك تجد من يصدقهم وينساق راكضًا خلفهم، وهو عاض على ثوبه بدون وعي ولا حكمة ولا حصافة، إنما هي نوع من «اللقافة» ممن ينطبق عليهم المثل الشعبي «مع الخير يا شقرا». ولا شك أن كل وطن في العالم يعاني ظاهرة الشائعات، لكن الجميع في العالم منذ بدأت الحربان العالميتان الأولى والثانية والعالم يتصدى ويحارب هذه الظاهرة اللعينة بمختلف الوسائل وأساليب المكافحة المختلفة؛ فتم إنشاء العديد من أجهزة مكافحة الشائعات في مختلف الدول، بعضها ظاهر للعيان، ويحمل أسماء معروفة وواضحة، وبعضها الآخر خفي، يتناسب مع سياسة كل دولة. وماذا بعد.. لقد اقتحمت «الشائعات» في كل مجتمع المجالات كافة من اجتماعية واقتصادية وسياسية.. إلخ. وهدفها زعزعة ثقة المواطنين في قيادتهم ووطنهم. وعلينا لكي نتخلص من هذه الظاهرة أن نكون مع الوطن وقيادته وسياسته، وأن نطرق الأبواب، وأن نعبر عما نريد بكل صراحة؛ فأبواب القيادة مفتوحة، وصدورهم واسعة وكبيرة.. وتتسع للجميع، وآذانهم صاغية. هذا ما يردده دائمًا قادتنا. حفظ الله الوطن ومواطنيه، وأبعد عنا شائعات الزيف..؟!