د.محمد بن عبدالرحمن البشر
الاستثمار عصب الاقتصاد العالمي، وأداة مهمة من أدوات النمو والتوظيف وغيرها من المعطيات الاقتصادية، وهو يتلمس طريقه ليحط رحاله في المكان الذي يرى فيه مردوداً مجزياً، واستدامة، وأمناً ليكون الاستثمار مفيداً، ورأس المال جبان، لهذا فهو يتحرَّى الزمان والمكان المناسبين.
وواقع المملكة جالب للاستثمار، سواء لأصحاب رؤوس الأموال من المستثمرين السعوديين، أو من أولئك الباحثين عن فرص الاستثمار من مختلف دول العالم، فمناخ الاستثمار في المملكة - ولله الحمد - جاذب بشكل لافت للنظر، وعلى رأس ذلك الاستقرار السياسي والأمني، ووضوح المنهج والرؤية الاقتصادية الواضحة، كما هي جلية في رؤية 2030 التي تعتمد على تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على النفط، لهذا فإن الفرص المتاحة في ظل هذا المناخ الجاذب كبيرة جداً .
والمملكة شهدت الكثير من التغيّرات الهيكلية الاقتصادية والسياسية والإدارية بما فيها أنظمة القضاء لضمان حقوق المستثمرين من الداخل والخارج، كما أن هناك الكثير من الأنظمة مثل نظام إفلاس الشركات، والأنظمة المالية، وغيرها التي ستكون رافداً لأنظمة قائمة تسعى لتطمين المستثمر على ضمان حقوقه المالية والمعنوية، وهذا جانب مهم لجلب الاستثمار، وإضافة إلى ذلك فإن المواطن السعودي سيتاح له المساهمة الفاعلة في هذه الاستثمارات القادمة، والاستفادة من الفرص المتاحة سواء بصورة مباشرة، أو بطريقة غير مباشرة مثل تلك المرتبطة بالخدمات المصاحبة للمشاريع الكبيرة، إضافة إلى إتاحة فرص استثمارية لصغار المستثمرين، والمشاريع المتوسطة ذات البنية الإبداعية والجديدة، وهذا هو المسلك الجديد للاقتصاد السعودي، الذي يؤمن بأن الإبداع يعتبر رافداً مهماً من روافد الاقتصاد المعتاد الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وكلنا يعلم أن هناك دولاً كثيرة تغيّر هيكلها الاقتصادي، ومن ثم أصبحت رائدة في المجال الاقتصادي، وأخذت في وضع بصمتها في الاقتصاد العالمي من خلال إبداعها في التقنية، ورفع كفاءة الإنتاج المادي والمعرفي، والحقيقة أن التقنية والمساهمة فيها أصبحت ضرورة لا غنى عنها، فهي موجودة بشكل رئيس في الصحة، والتعليم، والصناعة، والزراعة والخدمات، وأضحت التقنية الفائقة والمتسارعة عصب الاقتصاد العالمي، لهذا فإن المملكة تدرك بجلاء أن مستقبل النمو الحقيقي للاقتصاد سيرتكز في المستقبل على الإبداع المعرفي في جميع المجالات دون استثناء.
المملكة وضعت حوافز كبيرة لجلب المستثمرين لا سيما في قطاع التقنية، لمعرفتها أن التنافس كبير في العالم على جلب الاستثمار في هذا المجال، والمملكة بمكانتها، واستقرارها وأمنها، والقوة الشرائية لدى سكانها، وتوفر الأموال لديها، وبنيتها الهيكلية، تعتبر بيئة مناسبة، ومنافسة بشكل كبير.
صندوق الاستثمارات العامة أطلق مبادرة مستقبل الاستثمار، وهي مبادرة رائدة ومهمة في الوقت الحاضر لتحقيق رؤية 2030، وهذه المبادرة هي منصة للحوار الموضوعي بقيادة الخبراء لاكتشاف الفرص لتحقيق عائدات مستدامة طويلة المدى ذات تأثير وعائد إيجابي بصفة دائمة، وسيكون هناك حضور مميز للرؤساء التنفيذيين للشركات المميزة في مجال الاستثمار، والإنتاج ومستقبل التقنية، والذكاء الصناعي.
وما يجعل المبادرة استثنائية أنها ستتم تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - وأنها قد رسمت بريشة قائد الاستثمار في المملكة صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظة الله - الذي يرسم الخطى للوصول بالاقتصاد السعودي إلى مصاف الدول المتقدّمة، والاستفادة من مكانة المملكة، وكذلك معرفة قادة العالم بقدرات سموه ورؤيته الثاقبة.
حفظ الله المملكة وقادتها.