أحمد بن عبدالرحمن الجبير
لا يمكن لنا تصور الحياة دون أن تكون المرأة شريكًا فاعلاً للرجل في مختلف صنوف الحياة ودروبها، وإن من حاول التأثير على مسيرة التطور الاجتماعي، وأسهم في تعزيز التعقيدات وأوجد حياة نمطية، وعلى خط سير مخالف لطبيعة الحياة، إنما أراد الإقصاء، فربط النساء بالجريمة والإثارة والفتنة، كلام غير صحيح، وليس له معنى.
هذه القضايا مجتمعية تمر بها أكثر المجتمعات المثالية والمحافظة كغيرها من المجتمعات، كما أن الدين يسر، والإسلام ليس فيه تطرف وهيراركية وطبقية لها وصاية وقدسية على الناس، وإنما اليوم جل مجتمعات العالم تنهض، وتتقدم بالعلم والمعرفة، والإبداع والمشاركة، والمحافظة على تعاليم الإسلام السمحة، والشرف والإنتاج، واتخاذ القرار الواضح السليم، ونحن لسنا أقل شأنًا من المجتمعات الأخرى.
لقد نجحت تجربتنا الوطنية في دخول المرأة لمجلس الشورى، فتخصيص الدولة - أعزها الله - 30 في المائة من مقاعد الشورى للنساء كان أكبر دليل على هذا النجاح، ليس نجاحًا ضد أحد، وإنما نجاح بمعايير وطنية، بمعايير العصر والعلم، فسيدات الشورى، يشرفن أي مواطن سعودي، لما يمتلكنه من معارف، وعلوم في أفضل التخصصات، ومن مختلف الجامعات، ولديهن من الخبرات ما يغني ويثري الوطن، وهن في مجلس الشورى ناشطات وفاعلات ومؤثرات.
لقد نالت بنات الوطن الثقة، وحصلن على حقوقهن، ودخلن الانتخابات البلدية، وأصبحن علامات بارزة وغيرهن كثير في ساحات الوطن، والحياة العامة، وشاركن في خطط التنمية الاقتصادية وفي برامج التحول الوطني 2020م، والرؤية السعودية 2030م وتمكنا من الوصول إلى درجة معالي، ومناصب عليا كنائب وزير ووكيل وزارة، وغيرها من مناصب القيادية باستحقاق، ونتطلع بأن تكون منهن الوزيرة، والسفيرة في المستقبل القريب إن شاء الله.
نعم نجحت بنت الوطن في أعمال القطاع الخاص، وأثبتت جدارتها بامتياز لأنها أعطيت الفرصة ولأن لديها قدرات لا تقل عن قدرات أي فتاة في جميع أنحاء العالم، ولدينا نماذج من بنات الوطن استطعن تحقيق نجاحات متميزة في جميع القطاعات الحكومية والخاصة، وإن منهن من له بصمة إيجابية في قطاعات مختلفة، حاول البعض عدم الاهتمام بها، والالتفات عليها، بحجة أن عمل المرأة منزلي، فأدخلونا في مشكلات لا قبل لنا بها بحكم تفسيراتهم، وتركيبتهم النفسية القاصرة، التي ترى الحياة بلون واحد فقط.
فالبنت السعودية عظيمة، ولا يمكن للرجل أن يحقق نجاحات من دون وجودها، فنحن لدينا بنات وطن رائدات في جميع المجالات، مثل الإدارة والمحاسبة، والحاسب الآلي، والهندسة والتعليم والطب والجراحة، حيث استطاعت الفتاة السعودية أن تثبت وجودها في مجالس الغرف السعودية وهناك عدد كبير من بنات الوطن المؤهلات، والقادرات على القيام بدورهن على أكمل وجه في جميع المجالات.
إن بنات الوطن في حاجة إلى من يتحدث عن إنجازاتهن وأعمالهن، ولا سيما في ظل غياب الإستراتيجية الإعلامية الواضحة التي تضع بنات الوطن في موقعهن الصحيح، وعرض إنجازاتهن ومنحهن الفرصة من أجل أن يكملن دورهن في المجتمع لخدمة هذا الوطن الغالي، ولا ننسى أن لدينا طاقات نسائية مبدعة في جميع المجالات، الأمر الذي يدلل على أن المرأة السعودية حققت قفزات كبيرة في التسويق لذاتها حسب إمكاناتها وقدراتها.
إن من أهم أسباب نجاح بنت الوطن ثقتها في نفسها وإيمانها بقدراتها، ولكنها تحتاج إلى عامل مهم وهو ما يتعلق بمهاراتها الاجتماعية، وأن يتم تدريبهن لمعرفة مهاراتهن الاجتماعية للوصول إلى مرحلة التمكين، التي سوف توصلها إلى أهدافها، ومن أهم هذه المهارات هي قدرتها على فهم الطرف الآخر، وفهمها للمجتمع، وحمايتها من أن تتعرض لأي أذى أو إساءة.
وهناك بنات من بنات الوطن منعتهن ظروفهن من العمل خارج المنزل كونهن يسكن القرى والهجر، ولا يوجد خدمات، وطرق تساعدهن للخروج للعمل، لذلك نأمل أن يصل صوت بنات الوطن الطموحات للمسؤولين في بلادنا لدعمهن ماليًا ومعنويًا، ويجب على الإعلام المرئي والمسموع وتحديدًا الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي، تحسين الصورة عن بنات الوطن ودعم أعمالهن.
وينبغي من الجميع دعم مشروعات بنات الوطن وخصوصًا توظيفهن في قطاع المجتمع المدني، من خلال الجمعيات الخيرية والمشاركة في الأعمال التطوعية، حيث تعد من أهم المجالات الكبيرة التي وضعتها الرؤية السعودية 2030م، وعلى بنات الوطن أن يكن جزءًا رئيسًا وفعالاً في جميع القطاعات التنموية، والاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز مهارات التواصل الاجتماعي وترسيخ التعامل معهن، وتأكيد المسؤولية المجتمعية لهن وضرورة دعم بنات الوطن في جميع المواقع سواء كانت قيادية أو عادية.