د. خيرية السقاف
ربَّ قصة تبعث في النفس عزماً..
) ) )
فاطمة تعوّدت الاستيقاظ باكرا قبل أن يفض الفجر عن الفضاء عباءة الليل..
تتوضأ, وتنتحي ركناً في حجرة تجمعها بأختيها, والضوء المنبعث من الردهة الخارجة عن الحجرة يعمها في جلستها القرفصاء على سجادتها..
وحين تستغرق في اتصالها الروحي بمن فوق السماء, وتشهق دون أن تعي تستيقظ أختاها على نحيبها الشجي, تتقلبان في مرقدهما, لكن إحداهما لا تنهض وتأتي بمثل ما تأتي به..
في طريقهن للجامعة تسألها زينب أختها الصغيرة: ما الذي يبكيكِ يا أختي كل هذا البكاء المؤلم, كم من الزمن وأنتِ على هذا..؟
إيه لو تعلمين يا زينب..
هه, هاتي بما لا أعلم.. وتضحك عالياً..
لكن فاطمة لا تبالي بذلك التجاذب بين أختيها في الضحك منها.. وكل الذي تفعله أن تدعو لهما..
بقيت فاطمة على حالها حتى غادرت الحجرة لغير رجعة, بعد أن تزوجت في آخر يوم كان لها في الجامعة..
في بيت زوجها استمرت تتسلل من حجرتها إلى أخرى مجاورة.. تبسط سجادتها, تفترش مجلسها لكن ليس على ضوء يتسلل من الباب, بل يعم المكان..
تذهب تناجي، تدعو, تغرق في خشوعها..
ليلة وأخرى, تفقّدها زوجها, إلى أين تذهبين..؟ لا تجيب..
مرّت بها الأيام, وذات سَحَر, وهي بين يدي ربها تنبهت بعد أن رفعت رأسها من السجود,
فإذا به جوارها يصلي, يرفع يده ويدعو.., يستغرق فيبكي وهي تنظر إليه ولا يعلم..
جاء دورها في السؤال: لماذ تبكي بحرقة, هل ندمت أن تزوجتني..؟
وعيناه تسحَّان, بل أحمد الله أن وهبني زوجة تقية هي أنتِ..
ومنذها, كبر بيتها كثيراً.. وامتد..
) ) )
** شكراً لكِ (سعاد الأحمدي) قارئتي الفاضلة حيث سألتني بعد أن حدثتني عن فاطمة: كيف تنشأ أخوات في بيت واحد, ويختلفن في السلوك؟!
وأقول لكِ: ما دام المرء يؤدي ما عليه, فالزيادة توفيق يقترن بالصبر والعمل، وقد قال تعالى: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} (45) سورة البقرة..
زادها الله خشوعاً وتوفيقاً, وبورك لها وفيها هذه الفاطمة.
) ) )
سيكون مقال الجمعة منكم، معكم..