اطلعنا على مقال الكاتب ياسر صالح البهيجان المنشور في صحيفتكم الموقرة يوم الجمعة 17 ذي الحجة 1438هـ، الموافق 8 سبتمبر 2017م، تحت عنوان «المتحف الوطني والمنجزات التكنولوجية»، والذي أشار فيه إلى أنه «على الرغم من الجهود المبذولة في تحسين المتحف الوطني بالرياض، إلا أن حجم الإقبال عليه من قِبل السكّان لا يزال دون المستويات المأمولة».
ونحن في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، نشكر لكم اهتمامكم بالموضوعات المتعلقة بالمتاحف وبالتراث الوطني بشكل عام، ونتفق مع الكاتب في أن الإقبال على المتاحف لدينا لا يتناسب بالفعل مع ما تملكه المملكة من مخزون حضاري عريق، ولكن من المهم الإشارة إلى أن ضعف الإقبال مرتبط أولاً بضعف الثقافة المتحفية لدى نسبة كبيرة من المجتمع، وهذا ما تنبهت له الهيئة منذ فترة مبكرة، وتعمل عليه منذ سنوات بالتعاون مع وزارة التعليم وغيرها من الجهات الحكومية والخاصة لتربية النشء منذ الصغر على أسس الثقافة المتحفية والتوعية بالتراث الوطني كجزء أصيل من مكونات الهوية الثقافية للمملكة، وذلك من خلال عدد من البرامج المرتبطة بالسياحة والتراث الوطني من بينها على سبيل المثال: (برنامج ابتسم، وبرنامج لون مع التراث، وبرنامج عيش السعودية)، وهذه البرامج وغيرها تهدف إلى التوعية والتثقيف السياحي بمفهومه الشامل الذي يتضمن الآثار والمتاحف والتراث العمراني، وغير ذلك من عناصر تراثنا الوطني.
ونوضح لقرائكم الكرام، أن الهيئة منذ أن تولت مسؤوليتها عن قطاع الآثار والمتاحف بناءً على الأمر الملكي الكريم رقم أ/2 وتاريخ 28-2-1424هـ، وضعت ضمن استراتيجيتها لتطوير هذا القطاع خطة لتطوير المتاحف القائمة، وإنشاء المتاحف الإقليمية الجديدة، فبدأت بإنشاء متاحف إقليمية في كل من: (الدمام، والباحة، وأبها، وحائل، وتبوك، والقصيم، والحدود الشمالية، والهفوف، وصبيا). وتطوير متاحف قائمة في كل من: (تيماء، ونجران، وجازان، والأحساء، والعلا، والجوف)، وكذلك وتطوير متحف مكة المكرمة بقصر الزاهر، ومتحف المدينة المنورة بمحطة سكة حديد الحجاز، وتطوير قصر (خزام) بجدة وتحويله إلى متحف للتراث الإسلامي، وتبنت مبادرة وطنية لإنشاء واحة القرآن الكريم بالمدينة المنورة، ومع إقرار برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، والذي يؤسس لمرحلة جديدة في العناية بالتراث الوطني، تحقق للمتاحف مكتسباً جديداً، حيث يشتمل البرنامج على مسار خاص للمتاحف، يتضمن عدداً من المشروعات التي تتعلق بإنشاء وتطوير وتأثيث وتجهيز وتشغيل المتاحف، بالإضافة إلى إعادة تأهيل وتوظيف القصور والمباني التاريخية المملوكة للدولة وتحويلها إلى متاحف ومراكز ثقافية في عدد من المدن والمحافظات.
وتوضيحاً لما أورده الكاتب في مقاله عن أهمية تطوير «المتحف الوطني بالرياض»، وقوله: «لا نطالب القائمين على متاحفنا الوطنية بإعادة اختراع العجلة من جديد، وإنما الاطلاع على التجارب الدولية المتميّزة، والبدء بالتحوّل نحو متاحف تفاعليّة»، نؤكد أن الهيئة كانت في طليعة مؤسسات الدولة التي اهتمت بنقل الخبرات والتجارب الدولية الناجحة، وكانت سبَّاقة في تخصيص برنامج «استطلاع التجارب الدولية الناجحة»، ونظمت من خلاله عدداً من الرحلات الاستطلاعية لعدد من البلدان العربية والأجنبية ذات التجارب المتميزة في مجالات عمل الهيئة من بينها المتاحف والثقافة المتحفية، وقد وضعت الهيئة استراتيجية مرحلية لتطوير المتحف الوطني بالرياض ليكون وجهة سياحية مميزة في العاصمة، وواجهة ثقافية تليق بحضارة المملكة وموروثها التاريخي، ويعد المتحف في وضعه الراهن نتاج المرحلة الأولى من هذه الاستراتيجية، والتي ركزت الهيئة فيها على تفعيل دوره الاجتماعي والثقافي والتربوي والتوعوي والترفيهي والسياحي باستخدام وسائل متطورة في الإدارة والتدريب والتجهيز والتمويل والتسويق لبلوغ الأهداف التي من أجلها أنشئ المتحف.
كما حرصت الهيئة على تفعيل دور المتحف في مجال التعاون الدولي، خاصة مع المتاحف العالمية المشهورة، وذلك من خلال المعارض المتبادلة، وتبادل الخبرات والتدريب وتأهيل الكوادر، وزيارات استطلاع الخبرة، وبرامج الدراسات والبحوث، والخبراء الزائرين، وتبادل الموظفين، وتأطير كل ذلك من خلال اتفاقيات ثنائية للتعاون بين المتحف الوطني وتلك المتاحف العالمية تحت مظلة الاتفاقيات الثنائية بين المملكة والدول التي تتواجد بها تلك المتاحف، وقد أسفرت جهود الهيئة في هذا الجانب عن إقامة معرض (روائع من الفنون الإسلامية) الذي نظمته الهيئة بالمتحف الوطني بالرياض بتاريخ 6-2-1427هـ الموافق 6 مارس 2006م، وانطلقت منه فكرة معرض (روائع آثار المملكة عبر العصور)، الذي تنقل بين (11) محطة دولية ناجحة في أحد عشر مدينة أوروبية وأمريكية وآسيوية. إضافة إلى محطته الداخلية في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي في الظهران.
وتعمل الهيئة حالياً مع الجهات المعنية في الدولة على وضع الإطار الزمني والميزانية اللازمة لتنفيذ الخطة المتكاملة التي وضعتها لتطوير المتحف، وهي تشمل عدداً من المشروعات المهمة من أبرزها: (إنشاء مركز تجاري للمتحف، وإنشاء فندق تراثي بمنطقة المتحف، وإنشاء قاعة للتاريخ الإسلامي، وقاعة للمؤتمرات والندوات، وقاعة للطفل، وقاعة للفن المعاصر، وقاعة «عيش السعودية»، بالإضافة إلى تطوير واستثمار الفراغات الخارجية للمتحف، وتطوير النظام الأمني ومسار حركة الزوار).
وختاماً. نقدر لكم ولصحيفتكم الموقرة اهتمامكم بقضايا الثقافة المتحفية والتراث الوطني، آملين نشر هذا الإيضاح في المكان المناسب.
وتقبلوا فائق تحياتي وتقديري
** **
ماجد بن علي الشدي - مدير عام الإعلام وعلاقات الشركاء