نادية السالمي
النضال قصة قصيرة، لكن عمر مشوارها هو الطويل، تبدأه بأن تنادي الحرية ثم تركض هي نحوك كالمجنونة، فتبدأ أنت بتشكيلها ومحاولة الوفاق معها... لذلك وأنت تُحدث الناس عن الحرية لا تكذب عليهم بقولك الحرية أن تعيش بلا قيود. أصدقهم القول إن الحرية أن تختار أنت قيودك «دينك، مبدأك»، بمعنى أن الحرية المطلقة إن لم تكن كذبة فهي عبث والعاقل يسوّر حياته بأغلال تقف دون الضرر -تحت أي مبرر- بالذات، وذوات الآخرين.
العقل الجمعي وتأثيره في اللا وعي:
«غوستاف لوبون» المؤرخ الفرنسي صاحب كتاب «سيكولوجية الجماهير» بمقارنة بسيطة يشرح معضلة العقل الجمعي الأحادي الشمولي ويبين تعقيده في جمع الأشتات على فكرة واحدة فيقول: «يمكن أن توجد هوة سحيقة بين عالم رياضيات شهير وصانع أحذيته على المستوى الفكري ولكن من وجهة نظر المزاج والعقائد الإيمانية فإن الاختلاف معدوم غالبًا، أو قل: إنه ضعيف جدًا». العقل الجمعي عندنا يخشى الآخر وما يخبئه الآخر في صدره وعقله وتحت طيات لسانه وثيابه، لهذا منتشرة بيننا ظاهرة التفتيش في الجامعات، أذكر أننا كنا نُفتّش بشكل سريع ويبدو لنا أنه روتين عند دخولنا للجامعة وعند الخروج وفي سكن الطالبات كذلك، وإذا ما حدثت مشكلة أو مخالفة يُصادر الجوال ويبحث في محتوياته عن إدانة، لهذا ما جاءت جامعة الإمام ببدعة تخصها وحدها ربما هي متوارثة والمنظومة المعرفية والإدارية المتمثلة في الجامعة وحتى المدارس، تُمارس هذا دون أدنى وخز بمخالفة القانون، والمادة الأربعون والحادية والأربعون في النظام الأساسي للحكم، التي لا تعرف عنها الطالبة، وربما المسؤولة في الجامعة.
إذا كنا فجأة اكتشفنا أننا مراقبون من السلطة التي فوقنا بغير وجه حق فهذا بحد ذاته جيد، ويدعو لتشريع باب الأمل لوعي حقوقي تُصان فيه الحقوق وتُحترم الخصوصية، ولكني أستغرب إزاء هذه الأخطاء، من الظلم أن نجعل جامعة الإمام والمسؤولين فيها كبش الفداء طالما أن المسؤول في الغالب يرى أنه رقيب على تصرفات من هو دونه ولو بشكل سافر!
علينا أولاً تفعيل القانون، ومخاطبة الوعي بمقتضيات الأنظمة والقانون ثم المحاسبة لينتفي الجهل عن الجميع.
الحل يبدأ وينتهي في ميدان القانون:
القانون هو الدواء لكل سلوك معوج فالناس تخشاه أكثر من خشيتها لربها لهذا أعطوه قداسة، حصانة صادقة مخلصة يقف أمامها الجميع سواسية. القانون مسؤول عن تحقيق الأمن من خلال منع وقوع الاعتداء وتحميل كل فرد مسؤولية تصرفاته لهذا يجب أن تقوى علاقة الفرد بالقانون حتى يتحقق الأمن والاستقرار فهو وسيلة لضبط المجتمع وتنظيم سلوك الأفراد فلا يطغى أحدهم على الآخر، ومن خلاله يمكن توفير مساحة من الحرية لنا نحن الأفراد والمؤسسات بالتزام الجميع بما يصدر من قوانين وأنظمة لهذا يجب أن يكون كل فرد منا على دراية بالقانون فضلاً عن ثقافة قانونية تتيح له ما له وما عليه حتى لا يُستغَل أو يَستغِل، فحامل الجوال في الجامعة أو في الشارع عليه أن يتصرف بمسؤولية وكما يعرف أنه حر في حمله للجوال عليه معرفة حرمة التقاط صور للآخرين وما يترتب عليه قانونيًا.
الخطأ الذي لا غفران معه:
فرض القانون وتفعيله على الصغير والكبير حضارة، ويحل كل أزمة، ويردع كل متطاول، وحدوث شرخ في قناعة الفرد بالقانون خطر جسيم يجب أن نحول دون وقوعه، فالمواطن يحب وطنه تحت أي إخفاق وأي ظرف، لكنه لا يستطيع احترام القانون والوقوف عند حدوده تحت أي إخفاق يتسلط عليه ويحد من حقوقه ويهدر كرامته، فينتابه الشعور أن للقانون يدًا لا تطال البعض.