أ.د.عثمان بن صالح العامر
نحن في المملكة العربية السعودية نتربع على قائمة بلاد الإسلام قاطبة في هذا العصر، إذ جمع الله لنا شرف خدمة الحرمين الشريفين «الحرم المكي، والمسجد النبوي الشريف» ورعاية وسقاية وحماية الحاج والمعتمر من أي بلد جاء وفي أي وقت حل وبأية لغة تحدث وعلى أي مذهب إسلامي كان، وفي ذات الوقت حبانا الرب سبحانه وتعالى العناية والاهتمام بالوحيين:
- القرآن الكريم من خلال مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة.
- السنة النبوية المطهرة، حيث أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الثلاثاء الماضي 27-1-1439هـ أمره الملكي الكريم القاضي بإنشاء مجمع باسم «مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للحديث النبوي الشريف» يكون مقره المدينة المنورة، على أن يكون للمجمع مجلس علمي يضم صفوة من علماء الحديث الشريف في العالم، ويعين رئيسه وأعضاؤه بأمر ملكي، وتضمن الأمر الملكي هذا تعيين معالي الشيخ/ محمد بن حسن آل الشيخ عضو هيئة كبار العلماء رئيساً للمجلس العلمي للمجمع.
لقد وضع سلمان بن عبد العزيز لنفسه من خلال هذا العمل النوعي المميز تاريخياً وعالمياً مشروع حياة دائم، يبقى له أجره بعد موته، وينال نفعه ويستفيد منه المسلمون أجمع حاضراً ومستقبلاً، تحفظ به السنة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، وتنقى المتون والأسانيد مما علق بها من وضع أو تحريف أو إضافة أو تأويل طوال تاريخ الإسلام المديد، وفي ذات الوقت يوضح العلماء والمحدثون المشكل في الألفاظ، ويبينون المجهول من الرجال، ويعرفوننا الدلالات المتعينة في النص، و يجددون لنا ما اندرس من فقه السنة و... فَهُم المختصون في علم الحديث، وكذا الجرح والتعديل وغيرهما من علوم هذا المصدر التشريعي المهم.
إننا أمة الإسلام أشد ما نكون حاجة لهذا المشروع الرائد في هذا الوقت بالذات الذي كثر فيه الاستشهاد بالأحاديث الموضوعة والضعيفة، أو صرف الصحيح منها عن دلالته المعروفة لدلالة أخرى لم يقل بها من سبق من السلف جرياً وراء الهوى أو نصرة لمذهب وتيار يدعي وصلاً بالإسلام والإسلام منه براء.
كم هي فرحة عالمنا الإسلامي بهذا المجمع الذي يعدّ منارة من منارات العلم ومنبراً من منابر المعرفة ومصدراً من مصادر الإشعاع، إذ إنه جزماً سيكون المرجع لكل طالب حق يريد أن يتبين الصراط المستقيم، ويستبين سبيل المحرفين والوضاعين الذين ضلوا وأضلوا شريحة من شباب المسلمين للأسف الشديد.
شكراً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ناصر الحق وحافظ السنة ومميت البدعة وحامي حياض هذا الدين العظيم من تحريف المبطلين وزيغ المضلين وتحريف المؤولين وتزييف المرجفين، وأسأل الله القدير أن يكون ما قدمتم في ميزان حسناتكم، وألا يحرمكم أجره. دمتم بسلام، وتقبلوا صادق الود والسلام.