فهد بن جليد
الكائنات الحية تقضي نحو (ثلث وقتها) في النوم، وأي حرمان منه، أو خلل في منظومته يترتب عليه آثار كارثية ونفسية خطيرة، لذا القليل من المجتمعات المتقدمة هي التي تهتم بأبحاث ونظريات النوم، وعلى قدر سعادتي بوجود مراكز سعودية حديثة لطب وبحوث النوم، على قدر خوفي من أبحاثها التي تبدو مخيفة مقلقة.
على طريقة الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، كشف مركز طب وأبحاث النوم بجامعة الملك عبدالعزيز عن دراسته في أبريل التي تقول إنَّ 24 في المائة من الرجال، و17 في المائة من النساء في مجتمعنا يعانون من الشخير المزمن أثناء النوم -لأسباب عدة- ذكر منها التقدم في العمر، والإصابة بضغط الدم أو السكري، وأعجبتني كثيراً قاعدة الربط بين (النعاس في النهار) و(الشخير في الليل) وهي ذات الأبحاث والأفكار التي تنشرها مراكز النوم العالمية مع اختلاف ثقافة المجتمعات.
مثل غيري حاولت تفهم أن هذه أول دراسة من نوعها في المنطقة، وأول ندوة تقام عن النوم، إلا أنَّ المركز أصرَّ ومع تنظيم الندوة الثانية عن التوعية باضطرابات النوم، على إثارة (قلق ما قبل النوم) عند السعوديين، بدراسة أخرى تؤكد إصابة 15 في المائة من المجتمع بالأرق، ومُضاعفات أخرى أهمها اضطرابات المزاج، والتعرض لخطر ارتفاع ضغط الدم، وسوء التحصيل الدراسي والإنتاج العلمي، حتى الوفاة المبكرة، وأنَّ 50 من كل 100 ألف مواطن سعودي يشكون من النوم القهري -مرض عصبي يعني النوم فجأة دون اتزان مهما كانت الظروف المحيطة- إضافة لانقطاع التنفس أثناء النوم بسب السمنة وغيرها، وآثاره القاتلة في حوادث السيارات والعمل.
مركز أبحاث النوم بجامعة الملك سعود كان أكثر محلية وتماشياً مع عادات المجتمع وثقافته, وهو يقدم على لسان مديره نصيحة للسعوديين بأنَّ الجاثوم الذي يخيم على الإنسان عند نومه، لا يتربط بقرب الموت، أو أنَّ هناك (جني) يضغط على صدر النائم، وينصح كل من تعرض للجاثوم أن يحرك عينيه ووجهه بسرعة من جهة إلى أخرى للتخلص من ذلك.
كان الله في عونك لو رآك أحدهم في هذه الحالة، عندها ستقول (الشخير) أرحم، الخلاصة كم هو جميل أن تجد مركزاً يهتم بك وأنت نائم على الطريقة العالمية، أكثر من الاهتمام بك وأنت واعٍ، وكأنَّنا أصحاب نظرية الاحتفاء بالموتى وتكريمهم أولى من الأحياء.
وعلى دروب الخير نلتقي.