هاني سالم مسهور
من الطبيعي أن تحظى عودة العلاقات السعودية العراقية بكل هذه الحفاوة فالعراق يعود إلى فضائه العربي الذي لطالما كانت فيه بغداد واحداً من أقماره المضيئة، عودة العراق تمثل انتصاراً معنوياً يشعر به كل عربي، فليس للعراق أرض غير هذه الأرض العربية فهو فارس من فرسان العرب وأكثرهم شجاعة وما حدث للعراق كان انتكاسة تمر بالدول والأمم والأهم أن العراق عاد، وعاد من بوابة الرياض الكبيرة.
من الأهمية في نجاح الدبلوماسية السعودية القراءة في منهجية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -يحفظه الله- منهجية تقوم على الجرأة السياسية، فالفعل السياسي خلال السنوات الثلاث الأخيرة هو امتياز للسياسة السعودية الخارجية، ومن الجدير النظر إلى هذه الجرأة من خلال اختراقات المملكة سياسياً لعدد من الملفات الشائكة وقدرتها على التأثير الإيجابي بداية من الملف اليمني مروراً بملفات شائكة متعلقة جميعها بحماية وصيانة الأمن القومي العربي.
السعودية سياسياً تقوم على نهج واضح وهو دعم الدولة الوطنية العربية، موقفها من بغداد اليوم أنها تنحاز إلى تقوية هذه الدولة واستعادة العراق إلى أن يعود شريكاً في أمته العربية، فالخلل الذي وقع مع العراق وتحديداً منذ سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين في أبريل 2003م أن التغول الإيراني عبر المليشيات الإرهابية أضعف البناء السياسي للدولة الوطنية في العراق، ولم يستطع العراق إيجاد المنفذ للخروج من أزمته فلقد أغرقته الأجندة الإيرانية في دوامة العنف حتى وصل بالعراق الحال أن يجد جزءًا من جسده الجغرافي بقبضة تنظيم «داعش» الإرهابي.
نتذكر أن السعودية كانت من أوائل الدول التي انضمت إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة 2014م والذي حقق مؤخراً نجاحات كبيرة بتحرير أجزاء واسعة من العراق وسوريا ودحر الجماعات المتطرفة، فالسعودية لم تكن ذات يوم بعيدة عن العراق بل كانت قريبة وتحاول أن تجد الطريق الممكن لتساهم في مساعدة الشعب العراقي.
عودة العراق هي خطوة من خطوات ترميم البيت العربي من المحيط إلى الخليج، وهذا جزء من أكبر الأجزاء أهمية في السياسة السعودية التي عمدت إلى هذا الجانب بشكل مباشر، ولذلك فإن ما هو مطلوب ليس فقط تعزيز العلاقات العربية مع العراق بل المطلوب أيضاً تشجيع العراقيين على تجاوز أزماتهم السياسية وردم تلك الحُفر المصطنعة في بلادهم فلم يكن العراق يوماً طائفياً أو عرقياً بل كان وسيبقى العراق عربياً.