عروبة المنيف
كلنا نبحث عن الصحة؛ لأنها أغلى ما نملك؛ فإن ذهبت الصحة ذهبت السعادة.. والمريض يتعلق بقشة من أجل الصحة، كذلك الإنسان السليم يبحث عن الصحة، ويخشى المرض؛ فالعافية هي الهدف والأمل والحياة.
مع اجتياح وسائل التواصل الاجتماعي لحياتنا أصبحت المعلومة الصحية تغزو محيطنا، وتقتحم فضاءنا المعلوماتي من كل حدب وصوب؛ فلا ندرك مدى صحتها أو دقتها أو مرجعيتها العلمية، وهل هي موثوقة وتم اختبارها وتجريبها؟! تساؤلات عديدة، تتوارد إلى أذهاننا فور تلقي أي معلومة صحية من خلال تلك الوسائط، سواء كانت المعلومة وصفة طبية أو عشبية أو غذائية.. نحاول البحث فيها عن المصدر، وعن مدى رسميته وموثوقيته؟ وهل هذه الوصفة تدعمها بيانات وإثباتات ونتائج دراسات أثبتت صحتها وفعاليتها؟!
هناك العديد من الرسائل «الصحية» التي ترد إلينا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، تروج لغذاء معين، أو تنهى عنه، أو تروج لعشبة معينة، أو خلطة عشبية تشفي العديد من الأمراض. فبين ظهرانينا يوجد الكثير من السذج مَن تنطلي عليهم تلك الأخبار والمعلومات فيقعون ضحية لتلك النصائح الطبية؛ فيخسرون حياتهم؛ ويكلفون الدولة فاتورة علاجية باهظة الثمن. إنَّ التوعية المستمرة من وزارة الصحة ضد تلك الدعايات المغرضة أصبحت ضرورية جدًّا في ظل ذلك التخبط الذي نعايشه في وسائل التواصل؛ فليس الجميع على وعي وفَهم كامل بخطورة تلك الوصفات والنصائح، أو لديهم القدرة على البحث والتقصي عن مصدر المعلومة وعن مدى صحتها.. فالمستشفيات تعج بالمرضى ضحايا الوصفات والنصائح «المرضية»؛ فالمرض هو المصير وليس الصحة. وتحضرني قصة أحد الأقرباء الذي أخذ بالنصائح التي ترده من تلك الوسائط، وشرب عشبة تختص بغسل القولون؛ لينتهي به ذلك إلى غسل الكلى نتيجة الفشل الذي سببه تعاطيه تلك العشبة.
سرَّني مؤخرًا ما أعلنته وزارة الصحة بعزمها على ملاحقة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي حال تقديمها معلومات ونصائح طبية خاطئة، وتكون تابعة لمؤسسات غير معترف بها، أو أفراد.. فقد حددت عقوبات تواجهها تلك المؤسسات المخالفة والأفراد، وتشمل السجن والغرامات المالية، وسحب الترخيص، أو بها مجتمعة. وقد اشتمل الخبر على مناشدة القراء والباحثين عن أي معلومة التبليغ عن أي دعاية مزيفة أو معلومة غير موثوقة أو أي حساب مخالف، والاتصال على الرقم 937.
على الوزارة - من جانبها - أن تشدِّد على الجانب التوعوي باستمرار، وعلى الخصوص إدارات التوعية بالوزارة؛ لكي تكون على اطلاع مستمر على ما يُروَّج من معلومات مغلوطة؛ لتكون جاهزة للرد، وتكبيل أي إشاعة أو معلومة لا أساس صحيًّا لها قبل انتشارها؛ فالحملات التوعوية لها دور كبير في مواجهة تلك المواقع المشبوهة، ومن الضروري أيضًا أن تتزامن التوعية مع الملاحقة القانونية في زمن الانفتاح الإعلامي؛ فلا نستطيع سد باب الريح ونستريح؛ إنه باب غير قابل للسد، ولكن يتوجب علينا تعلُّم أساليب الاستقبال والضيافة.