هدى بنت فهد المعجل
حسب ما جاء في موسوعة (ويكيبيديا) فإن مقهى ريش (تأسس عام 1908م) بالقاهرة وهو أكبر تجمع للمثقفين والسياسيين.. شيَّد هذا المقهى ألماني، باعه عام 1914 إلى هنري بير أحد الرعايا الفرنسيين الذي أعطى له اسم (ريش) ليتشابه بهذا الاسم مع أشهر مقاهي باريس التي ما زالت قائمة إلى الآن، وتُسمى (كافيه ريش).. وقبيل انتهاء الحرب العالمية الأولى اشتراه تاجر يوناني مشهور من صاحبه الفرنسي، ووسَّعه وحسَّن بناءه.. حالياً يملك المقهى مجدي ميخائيل، وهو أول مالك مصري له.. وقد كان المقهى ملتقى الأدباء والمثقفين أمثال أديب نوبل (نجيب محفوظ)، ويوسف إدريس، وأمل دنقل، ويحيى الطاهر عبد الله، وصلاح جاهين، وثروت أباظة، ونجيب سرور، وغيرهم ممن كانوا يحرصون على حضور ندوات نجيب محفوظ الأسبوعية التي كان يعقدها عصر يوم الجمعة منذ عام 1963م.
ووفق عبدالرحمن الرافعي في كتابه (تاريخ مصر القومي 1914- 1921) فإن ريش ملتقى الأفندية من الطبقة الوسطى، كما عُرف مقراً يجتمع فيه دعاة الثورة والمتحدثون بشؤونها أو شؤون البلاد العامة. وكان للمقهى دور كبير في ثورة عام 1919، بل يرى كثيرون أن صاحب المقهى كان عضواً في أحد أهم التنظيمات السرية، حيث وجدت فيه بعد 80 عاماً من ثورة 1919 آلة لطبع المنشورات.. وفي العام 1972 انطلقت منه ثورة الأدباء، احتجاجاً على اغتيال الروائي الفلسطيني غسان كنفاني.
وفي بهو المقهى قدمت فرقة الفنان عزيز عيد المسرحية فصولاً عدة من مسرحياته التي قامت ببطولاتها الفنانة روز اليوسف، تخللها بعض المونولوجات، يغنيها الفنان محمد عبدالقدوس، والد الأديب إحسان عبدالقدوس.
ومن المعاصرين فإن أشهر رواد مقهى ريش: هم الشاعر أحمد فؤاد نجم، والروائي جمال الغيطاني، والألماني فولكهارد فيندفور مراسل (ديرشبيجل).
المقهى يُشكِّل تحفة معمارية بديكورات ولوحات تملأ المكان، وكما هو الحال بالقاهرة تُوجد في مدن (بنزرت) بتونس و(قسنطينة) بالجزائر و(الدار البيضاء) بالمغرب مقاهٍ تحمل اسم (ريش)، وتتشابه مع مقهى القاهرة وباريس في كونها تقع في أحد الميادين الكبيرة وبنفس طراز العمارة والديكور والوظيفة أيضاً.
وكان مقهى ريش ملتقى للكثير من قصص الحب التي انتهت بالزواج، فقد تمَّ زواج روز اليوسف من الفنان محمد عبد القدوس بعد مشاركتهما في أحد الأعمال المسرحية على مسرح ريش 1918م.
أما عبلة الرويني، تلك الصحفية التي كانت تبحث عن الشاعر أمل دنقل لتجري معه بعض الحوارات، فقد قابلته على مقهى ريش، ثم كان الحب والزواج، كما أن الشاعر أحمد فؤاد نجم فقابل هو الآخر الكاتبة صافيناز كاظم على المقهى، وكان الحب الذي انتهى بالزواج.
كان لزلزال 1992 أثره الواضح على عمارة المقهى؛ فقد تم إغلاقه منذ ذلك الوقت إلى أن تم افتتاحه عام 2000م، بعد ما أُجريت له أعمال ترميمات واسعة تكلفت نحو مليوني جنيه..
- شحنت ذهني بالمقهى، ثم استقللت سيارة أجرة، طلبت من سائقها الذهاب بي إلى المقهى قرب ميدان طلعت حرب.. وكأنه لأول مرة يسمع به لدرجة أن كررت عليه اسم المقهى، وحينما أخذ في سؤال المارة سألهم عن مقهى (الريشة)!!! إلى أن وصلنا إليه.. يقابل المقهى مكتبة، اقتنيت منها عدة كتب واتجهت صوبه.. صوب (كافيه ريش) كما كُتب أعلى الباب.. كانت الساعة 8 مساء.. لم يكن المكان مكتظاً كما توقعت.. لا كتب أو ثقافة ولا ملامح لمثقفين في المقهى. كانوا قلة..!! شككت في أن يكون هو المقهى ذاته.. بَيْدَ أن اللوحات وهيئة المكان تدلل عليه دلالة المدخل.. سألت عن القهوة فأجابني (النادل) أنها تقدم فقط من الساعة 10 صباحاً إلى الساعة 12!! أي بواقع ساعتين يومياً.. بعد ذلك يصبح مطعماً فقط!! كدت أن أُعلق، بَيْدَ أني فضَّلت الخروج بكتبي والبحث عن مكانٍ آخر في القاهرة، أم الدنيا!!