سعد بن عبدالقادر القويعي
التعالي الحركي للخلايا الحركية التي ظاهرها الإصلاح، وباطنها العقيدة الحزبية، هو الذي أوردهم الموارد، وحملهم على سوء الظن بعموم المسلمين، والحكم على مجتمعاتهم بالجاهلية، ناهيك عن حكمهم على الولاة بالتكفير، - إضافة - إلى أنها لا تزن تصرفاتها بميزان الكتاب، والسنة، ولا تعترف بإجماع الأمة، ولا تجعل هذه المصادر مراجع أساسية لها ؛ - ولذا - فإن المنطلقات الفكرية، هي الكاشف الرئيس لأبعاد أي حدث نريد تحليله، ومن ثم القدرة على استنباطه بسهولة.
كانت الخلايا الحركية ذات المسارات، والقوالب المستحدثة التي لم يعهدها السلف، من أعظم العوائق عن طلب العلم الشرعي، والتفريق عن جماعة المسلمين، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: التهاون في توحيد العبادة، وسكوتهم، وإقرارهم للناس على الشرك الأكبر، من الدعاء لغير الله، والتطوف بالقبور، والنذر لأصحابها، إلى غير ذلك من المسائل العقدية، وأخذ البيعة على العمل للمنهج الإخواني بالشروط العشرة التي ذكرها - المؤسس - حسن البنا، - إضافة - إلى دعوتهم إلى الخلافة، والحزبية الممقوتة التي ينتمون إليها، بل إن - العلامة - محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -، يؤكد في الشريط رقم «356»، ضمن سلسلة الهدى، والنور، أن منهج الإخوان المسلمين: «ينطلق من هذه القاعدة: نعمل فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه، وهي سبب بقاء الإخوان المسلمين - نحو سبعين سنة - عملياً بعيدين فكرياً عن فهم الإسلام فهماً صحيحاً، - وبالتالي - بعيدون عن تطبيق الإسلام عملياً ؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه».
يحمل فكر الجماعة العديد من الأبعاد التي تضع محددات عامة لهويتها، والذي يعتبر منهجاً بديلاً عن منهاج الاسلام الحقّ، لا الدّعاية، كعدم معاداتها للعلمانية، واعتبارها ليست شرا مطلقا، أو أداة مخالفة للإسلام، والدليل تأييدهم للتجربة التركية الأردوغانية بخطاباتهم، وخطبهم العديدة، إذ يرونها دولة إسلامية، ومنهجها يمضي على طريق الخلافة الراشدة. - وفي المقابل - فإن الحراك الثوري في مواجهة الظالمين لدى الجماعة له ثلاثة شعارات أساسية، وهي: لا تفاوض حول الأهداف، وإنما يكون الحوار لكيفية تنفيذها بعد التسليم بها. ولا تراجع في الفعاليات، - سواء - بالتأجيل، أو الإلغاء. ولا تنازل عن الأهداف المحددة، والمعلنة من أول يوم.
بقي أن يقال: لا يبدو أن الإخوان المسلمين في عجلة من أمرهم، فهم يعملون وفق مخطط مستمر، وبنفس طويل. ومع أن الفكر التنظيري للجماعة متناقض مع مبادئه - من جهة -، ومع واقع، وممارسة الجماعة - من جهة أخرى -، فإن الإسلام كُلَّه حقٌّ لا باطل فيه، وصدق لا كذب فيه، وجد لا هزل فيه، ولب لا قشور فيه، بل أحكام الشرع، وهديه، وأخلاقُه، وآدابه - كلها - من الإسلام، - سواء - مبانيه، وأركانه، أو مظاهره، وهو ما قرره علماء الإسلام.