عثمان أبوبكر مالي
فاجأت (هيئة الرياضة) الوسط الرياضي بالقرارات الأخيرة التي خرج بها اجتماع معالي رئيس الهيئة برؤساء أندية الدوري السعودي للمحترفين، الذي عقد الاثنين الماضي.
لقاء معالي المستشار تركي آل الشيخ برؤساء الأندية الكبيرة أسفر عن قرارات (قوية) جدًّا، جاءت من غير مقدمات أو إشارات أو حتى تلميحات قبل انعقاده، ومن غير أي (بربغنده) مسبقة تعودناها، وتحدث دائمًا قبل ومع القرارات الرياضية عند صدورها، خاصة عندما تكون مفصلية أو مصيرية، سواء منها الجديدة و(الجريئة) وحتى التقليدية أو العادية جدًّا.
والملاحظ أيضًا أنه لم يتسرب مسبقًا أي شيء عن التوجهات الجديدة والخطوات والقرارات التي تم إعلانها بعد الاجتماع، ويبدو أنها رتبت وأعدت جيدًا، ومن فريق عمل (منظم)؛ مما يعني أن العمل الكبير والجديد في الهيئة وخطواتها المتسارعة - فوق أنها مدروسة ومنظمة - تتم فعليًّا بصمت كبير وحقيقي، ودون البحث عن أضواء أو ضجيج، وإنما تبحث عن (تنظيم) معد، يرمي إلى تحقيق (أهداف) منظورة على المديَين القريب والبعيد، بما يتماشى جنبًا إلى جنب مع التطلعات الجديدة، ويتوافق تمامًا مع التطوير و(الرؤية السعودية).
أقوى مفاجآت الاجتماع - وهو أول القرارات الجديدة - التوقيع على (وثيقة التزام) من قِبل رؤساء أندية دوري المحترفين، تتضمن الالتزام بأربعة بنود رئيسية ومهمة جدًّا.
وثيقة الالتزام الأخيرة ليست جديدة، وإنما يمكن اعتبارها (نسخة محدثة) من وثيقة قديمة، سبق أن أعلنها بين الأندية الكبيرة في عام 2008م، وهي (وثيقة الشرف) التي أطلقت في ذلك العام، غير أنها كانت تتكون من بند واحد، هو (عدم المزايدة) بين الأندية في صفقات اللاعبين، وهي عُرفت لاحقًا بميثاق (مانسو) اللاعب البرازيلي المشهور، الذي كانت (الإشكالية) التي وقعت بين ناديي الاتحاد والأهلي، و(ازدواجية) التوقيع معه في فترة التسجيل الشتوية، سببًا في إطلاق ذلك الميثاق، الذي لم يصمد طويلاً، بل لم يُستخدم إلا مرة واحدة ولحالة واحدة، هي حالة (مانسو)، ثم أصبحت (حبرًا على ورق).
الوثيقة الجديدة لا يُنتظر ولا يُتوقع لها المصير نفسه لاعتبارات كثيرة، أهمها جدية الخطوة وشموليتها وعموميتها.. وواضح من البنود الأربعة التي حوتها أنها (مدروسة)، إضافة إلى أنها صدرت من غير وجود خلاف أو أسباب أو (أجندة) مطروحة سوى دافع (التنظيم) والتعاون العملي بين الهيئة والأندية لما فيه مصلحتها ومصلحة الرياضة عمومًا.
كلام مشفر
* القبول الكبير والاحتفاء العام بوثيقة الالتزام، ومن قبل الجميع، قد لا يكون كافيًا لضمان استمرارها ونجاحها على المدى البعيد، إذا لم يكن هناك (نظام مكتوب)، يفرض (الإلزام) رسميًّا من كل الأندية، بغض النظر عن ذهاب وجود أو تغير مجلس إدارة، أو بقاء رئيس أو استمراره.
* المرجو أن يكون للوثيقة نظام يحدد (العقوبات) التي تُتخذ بحق الرئيس ومجلس إدارة النادي الذي (يخالف النظام)، أو لا يتجاوب ويلتزم بأي بند من بنوده في أي وقت وتحت أي ظرف.
* ولنا مثال في (ميثاق الشرف) القديم الذي انتهى بعد حالة (مانسو)، بل أثبتت الأيام أنه أصلاً لم يحل المشكلة؛ لأنها عادة وأوقعت عقوبة مالية كبيرة على نادي الاتحاد، وتسببت أيضًا في عقوبة (خصم ثلاث نقاط) من رصيده الموسم الماضي.
* من أهم ما خرج به الاجتماع السماح للأندية بالاستعانة بطواقم حكام أجانب لجميع مبارياتها من غير عدد محدد. والطبيعي جدًّا أن تلجأ أغلب إن لم يكن جميع الأندية إلى الأخذ بالقرار للهروب من (الأخطاء الكوارثية) التي يقع فيها ـ مع الأسف ـ حكامنا المحليون، بعد أن حُلت المعضلة التي كانت السبب في عدم استعانة الكثير منها بالطاقم الأجنبي، بتكفل هيئة الرياضة بالتكاليف المالية.
* وفي الأفق أن القرار يتبعه (عمل كبير) لتطوير الحكم المحلي وتجهيزه؛ ليكون في المستوى خلال السنوات القادمة. ومن وجهة نظري، وسبق أن ذكرت ذلك عبر المنابر الإعلامية، فإنه لن يتحقق ما لم تتغير (شروط القبول) للراغبين في الانخراط في سلك التحكيم، وما لم تتم إناطة المهمة إلى جهة (أكاديمية)، تتولاها من (الألف إلى الياء) بطريقة حديثة علمية وعملية.
* والمقصود بطبيعة الحال الكليات والمعاهد الرياضية المنتشرة في بلادنا، التي تملك الإمكانيات والأدوات و(الطرق العلمية) لتقديم حكام حقيقيين، بعد وضع (شروط) عملية لقبولهم، ومن ثم الدروس العملية والميدانية، وإن وصل الأمر إلى إنشاء قسم خاص لحكام (الألعاب الرياضية)، يستقبل الراغبين المحققين لشروط القبول الخاصة؛ ليقدم حكامًا مؤهلين في كل الألعاب الرياضية. (وللموضوع بقية).