الجزيرة - المحليات:
أفردت عدد من الصحف العالمية أمس، مساحات واسعة، لتغطية إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمدينة «نيوم»، وذلك على هامش مؤتمر مستقبل الاستثمار. وأجمعت الصحف على أهمية الحدث، والخطوات الإصلاحية الكبيرة التي تقوم بها المملكة، سواء على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي والتنموي.
قالت صحيفة وول ستريت جورنل إن القيادة الجديدة للمملكة كشفت خداع حركة الصحوة الإسلامية، وإن تصريحات الأمير محمد بن سلمان عنها أظهرت أنها لا تعدو كونها نمراً من ورق.
ونقلت الصحيفة في تقرير كتبه كل من برادلي هوب، ومارغريتا ستانكاتي، ونيكولاس باراسي، عن محمد اليحيى، المحلل السعودي والزميل غير المقيم في المجلس الأطلسي، أن قرار الأمير في توجيه حديثه عما يسمى بحركة الصحوة الإسلامية التي زادت شهرتها بعد عام 1979 لم يسبق له مثيل. وقال: «إنها المرة الأولى التي يقوم فيها مسؤول حكومي - ناهيك عن كونه من كبار المسؤولين - بالتحدث عنهم بالاسم.» وأضاف:» كشفت القيادة الجديدة خداع هؤلاء وأظهرت أنهم ليسوا سوى نمر من ورق.»
ووفق الصحيفة: تعهد ولي العهد السعودي النافذ امس الاول بإعادة بلاده إلى نوعٍ أكثر تسامحًا من الإسلام أثناء تعهده ببناء مدينة مستقبلية من شأنها أن تُدخل البلاد في القرن الواحد والعشرين.
ونقلت وول ستريت جورنل عن الأمير قوله لحشود من رجال الأعمال وكبار المستثمرين، والذين جاؤوا من جميع أنحاء العالم إلى مدينة الرياض: «سوف نعود إلى ما كنا عليه من الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وجميع الأديان وثقافات الشعوب».
وجديرٌ بالذكر أن الأمير محمد ظهر ظهورًا علنيًا نادرًا بغية الكشف عن خطةٍ عظيمة: ألا وهي إنشاء منطقة إنمائية تبلغ مساحتها أكثر من 25 ألف كيلومتر مربع، وهي الخطة الذي أشار إليها الفيديو الترويجي بأنها «أكثر مشاريع العالم طموحًا».
ومن المتوقع أن تُكلف المدينة - التي يطلق عليها اسم «نيوم» - نحو 500 مليار دولار، كما سيقوم صندوق الثروة السيادية السعودي المعروف باسم صندوق الاستثمارات العامة بتمويل هذا المشروع بالتعاون مع المستثمرين الخاصين.
ووصف ولي العهد الأمير محمد البالغ من العمر 32 عامًا - الذي يقود خطة الإصلاح الاقتصادي في السعودية - مدينة نيوم أثناء انعقاد جلسة النقاش بأنها «يوتوبيا» مستقبلية تحتوي على معدات تكنولوجية مدمجة في المدينة منذ تأسيسها. ويُذكر أن المدينة ستُبنى على قطعة أرض مجاورة للبحر الأحمر في شمال غرب البلاد وبالقرب من الأردن ومصر. غير أن الأمير محمد اعترف أيضا بأن تحقيق هذه الرؤية سيكون تحديًا. إذ ذكر الأمير محمد أثناء جلسة النقاش التي عُقِدت يوم الثلاثاء قائلاً: «إن الحلم أمر سهل، غير أن الصعوبة تكمن في الإنجاز».
وكانت مشاركة الأمير محمد في حلقة النقاش التي استمرت لمدة ساعة إبرازاً لأهمية المؤتمر الذي يهدف إلى إظهار المملكة العربية السعودية كوجهة استثمارية وليس فقط كمصدرٍ وافرٍ لرأس المال الموجود في الخارج.
وانضم إلى الأمير محمد في حلقة النقاش كل من ماسايوشي سون من سوفت بنك، والمؤسس المشارك لمجموعة بلاكستون والرئيس التنفيذي لها ستيفن شوارزمان، وكلاوس كلاينفيلد، الرئيس التنفيذي الجديد لمشروع نيوم.
ويحاكي المشروع الجديد بيئة متحضرة تختلف اختلافا شاسعاً عن السعودية الحالية، أو أي نوع من المدن تقريباً. وتتعهد المدينة الجديدة بالعديد من الروبوتات بدلاً من البشر، والتي سيتم نشرها في قطاعات تتراوح ما بين الرعاية الصحية والأمن. وستكون السيارات، إذا وُجدت، بدون سائق. وفي بلدٍ معتمد على النفط، ستكون المدينة الجديدة معتمدةً على الطاقة الشمسية والرياح فقط.
وسيكون لدى نيوم قوانينها وأنظمتها الخاصة بها، والتي تهدف إلى أن تكون المدينة أكثر ملاءمة لكل من رجال الأعمال والمقيمين الأجانب.
وتُعد المدينة هي الأحدث ضمن سلسلة من المبادرات الطموحة المُعلنة كجزء من الخطة الاقتصادية المعروفة باسم الرؤية السعودية 2030. حيث تحدد الخطة خطوات لتحويل الدولة البترولية المحافظة إلى اقتصاد ذكي يمكن أن يبقى دون وجود النفط.
ويتمثل حجر الأساس لتلك الخطة في تحويل صندوق الاستثمارات العامة إلى صندوق حرب للاستثمارات في الداخل والخارج من خلال نقل ملكية عملاق النفط المملوك للدولة، أرامكو السعودية، إليه. إذ سيتحكم الصندوق في عائدات الطرح العام الأولي والمخطط له أن يصل إلى 5% من أرامكو، والتي يقول مسؤولون سعوديون بأن قيمة هذه النسبة قد تصل إلى 100 مليار دولار.
وقال المدير التنفيذي لأرامكو يوم الثلاثاء إن طرح الشركة للاكتتاب في مساره الصحيح وسيكون في 2018، مع العلم أن بعض المطلعين على الموضوع حذروا بأنه سيؤجل لعام 2019 أو لأجلٍ غير معلوم.
وكان الهدف من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار هو انطلاق جزءٍ هام من خطة 2030: ألا وهو اقناع المستثمرين الأجانب بتوفير رؤوس الأموال في السعودية بدلاً من القدوم للاستفادة من مليارات الدولارات التي تُخطط الدولة لاستثمارها في الخارج.
واتخذت الحكومة بعض الخطوات لجذب الاستثمارات الأجنبية، كتخفيف القيود على سوق الأسهم وعلى ملكية الأجانب في قطاعات كالتجزئة على سبيل المثال. وفي الشهر الماضي، افتتحت السعودية أول محكمة تجارية معالجةً بذلك تخوفات رجال الأعمال الذين لطالما تذمروا من عدم وجود وضوح في الشؤون القانونية في دولةٍ يعطي فيها القانون الإسلامي مساحة كبيرة في التفسير للقضاة.
وقال السيد سون من شركة سوفت بنك إن صندوق رؤية الشركة البالغة قيمته 93 مليار دولار - والتي تعد السُعودية أكبر مُستثمرٍ فيه - سيستثمر في الشركة السعودية للكهرباء، والتي ستبني بدورها أكبر محطة للطاقة الشمسية في مشروع نيوم الحضري.
وتعكس المدينة المخطط لها التغييرات التي يود الأمير محمد جلبها إلى البلاد برمتها. وكجزء من خطته الرامية إلى إصلاح اقتصاد المملكة الذي يعتمد على النفط، يسعى الأمير - بدعم من الملك - إلى تحرير مجتمعه.
وأدى استيلاء متطرفين دينيين مسلحين على المسجد الحرام في مكة في عام 1979 إلى فترة من المحافظة الدينية في المملكة. وتريد القيادة الحالية تخطي هذا الإرث، وقامت السعودية في الشهر الماضي برفع الحظر على قيادة المرأة بعد أن كانت الوحيدة في العالم التي يوجد بها هذا الحظر.
وقال: «لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار متطرفة. سوف ندمرهم اليوم وفوراً.» وأضاف: «نريد أن نعيش حياة طبيعية، حياة تعكس ديننا المتسامح وعاداتنا وتقاليدنا الجيدة ونتعايش مع العالم ونساهم في تنمية أمتنا والعالم».
وقال محمد اليحيى، المحلل السعودي والزميل غير المقيم في المجلس الأطلسي، إن قرار الأمير في توجيه حديثه عما يسمى بحركة الصحوة الإسلامية التي زادت شهرتها بعد عام 1979 لم يسبق له مثيل.
وقال: «إنها المرة الأولى التي يقوم فيها مسؤول حكومي - ناهيك عن كونه من كبار المسؤولين - بالتحدث عنهم بالاسم.» وأضاف:» كشفت القيادة الجديدة خداع هؤلاء وأظهرت أنهم ليسوا سوى نمر من ورق».