جاسر عبدالعزيز الجاسر
من يتابع الأحداث والمتغيرات التي يشهدها العالم وبالذات منطقتنا العربية، يرى اتجاهين يحكم تحركات وتصرفات قادة المنطقة، والاتجاه الغالب هو التوجه للإصلاح، والتحديث والسعي لتحقيق الحكم الرشيد والاهتمام ببرامج التنمية والبناء وتطوير المجتمعات والبعد عن الأفكار المتطرفة وتعميق ثقافة الاعتدال والتسامح، ومع اتساع معسكر هذا الاتجاه لاتزال بعض الأنظمة حبيسة تصوراتها تسير في طريق التطرف ودعم الجماعات المتشددة وميليشيات الإرهاب، وإذ حاولت العديد من الدول والقادة بما فيهم قادة الفكر نصح تلك الأنظمة التي ابتلت بها بعض الدول، إلا أن الأغواء وتضخم الذات بسبب الاعتقاد بأن تملك المال يغني عن انتهاج الحكمة والرشاد في التعامل مع الدول وحتى مع أبناء شعبك يجعلك في غنى عن الاستماع والأخذ بنصائح المفكرين، الذين يعلمون أن «تورم» الثروة لن يحمي الأنظمة من السقوط، ونظام معمر القذافي أضر ما يجب على من أغوتهم قوة المال وتورم الثروة من التزام العمل السليم والحكم القويم، بدد معمر القذافي ثروة ليبيا وأوصل شعبها إلى المستوى البائس الذي هو عليه وانشغل في إثارة المشاكل ودعم الإرهابيين وتزويد المقاتلين بما يطلبونه من أدوات القتل والدمار، وترك بلاده يعاني من سوء خدمات الصحة والتعليم، في حين انشغلت دول أخرى أنعم الله عليها مثلما أنعم على ليبيا، ولكن النعمة وجدت من يحافظ عليها وينميّها، فاستثمرت الثروة لتطوير مجتمعاتها وتثقيف شعبها ووفرت لهم خدمات الصحة والتعليم وأسست البنى الاقتصادية والتنموية من طرق ومطارات ومستشفيات وجامعات ومدارس.
نظام القذافي بدد ثروة الليبيين وانشغل بدعم الإرهابيين مما دفع الليبيين إلى العمل على التخلص منه بالطريقة التي تابعناها والآن يكرر نظام قطر ما فعله القذافي ويستنسخ أسلوبه في دعم الإرهاب وفتح قطر لقادة الإرهاب ومليشيات الإجرام كمكان آمن، وتبديد ثروة القطريين للإبقاء على مليشيات الإرهاب وآخرها نقل الإرهابيين من سوريا والعراق إلى ليبيا لتوظيفهم لنشر الفوضى والعنف والقتل في مصر والدول الأفريقية وبما أن المنطق يؤكد أن مقدمة الأفعال توصل إلى النهايات التي تتطابق مع البدايات فإن نهاية أفعال نظام قطر لابد وأن توصل إلى نفس النهايات التي حصلت لأنظمة انشغلت بدعم الإرهاب وتركت تنمية بلادها ولابد أن نرى اليوم الذي سيصحح أهل قطر ما يفعله سفهاؤها.